mercredi, mai 10, 2006

ألا.. فلتنتفض أرض الإسلام مجداً من تحت الركام !! عبد الرحمن عبد الوهاب



الم تر أن المرء طول حياته معنى بأمر ما يزال يعالجه ..
وكانت قضيتنا التي كنا دوما .. نهجس إلى تحقيقها .. ونحث الخطى نحو الحلول .. ألا وهو المجد لهذه الأمة .. والمجد لهذا الدين .. .. يعالجها ذهنيا وحياتيا .. وتبقى المعالجة دوما ضمن اطر التحليل او التفعيل ..
دخل ارنست هينمغواي .يوما في حوار .. إزاء قضية ما .. فقال له عفوا .. هذه قضية للتفعيل وليست للتحليل ..that is to activate not to analyze
وتأخذ المعالجة شيئا من الوضوح لدى الشاعر المخضرم لبيد ..
ألا لا تسألن المرء ماذا يحاول .. أنحب فيقضي أم ضلال وباطل .. ولما كانت قضايا المجد .. تحتاج الى حسم .. ووضوح في الرؤية .. وضع القرآن آليات الحسم ما بين خيارين .. {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} (52) سورة التوبة
وكان التحليل لهذه الرؤية في قول عبادة ابن الصامت .. لنا مجد الدنيا أن ظفرنا بكم ولنا مجد الآخرة إن ظفرتم بنا ..
وسار هذا الحس لدى الركبان فيما مضى من زمان ..
فليعد للدين مجده أو ترق من الدماء .. فالمجد من جهة او يراق دمنا من جهة اخرى ..
وكانت الرؤية أكثر وضوحا لدى طبيعة العيش لدى الفرسان ..
فإن عشت فللطعن الذي يعرفونه وتلك القنا والبيض والضمر الشقر ..
وان مت فالإنسان لابد ميت وان طالت الأيام وانفســـــــــح العمر ..
وكان هذ الحس واضح مع ابو فراس ..
هو الموت فاختر ما على لك ذكره فلم يمت الإنسان ما حيي الذكر ..
فهي إما موت وإما مجد ..
.. هو المجد .. لذلك الدين الرائع العظيم .. هو المجد لتلك الأمة الرائعة ..
.. ولكنها الدنيا تجري بما جرت يسفل أعلاها ويعلو الأسافل ..
أصبحت أمور جديرة بأن تصيب القاريء .. بالذبحة إن لم تكن السكته القلبية او الدماغية .. إنها امور تكسر الظهر وتسم البدن.. ان العرب .. في هذا الزمان .. تهودوا .. وتعبرنوا .. ارض الكنانة يخرج من قناة النيل برامج مترجمة الى العبرية .. ليتستمع المشاهد الإسرائيلي .. انه وضع ثقافي لا يتناسب مع رصيد المجد والكبرياء ومشروع الإسلام الحضاري ..
..هل دجنوا خالد بن الوليد .. وحولوه .. إلى قائد ورقي .. كما قال نزارقباني وينتهي بنا المطاف الى المثقف العربي المسلم,, تنكر وتجاهل هذا الرصيد الرائع الحافل بميراث المجد .. والكتاب المجيد ..[ ق والقرآن المجيد .. ] وأصبح يدبج مقالات للطعن في الدين .. لينشره على مواقع التبشير النصرانية .. التي تضع الإنجيل والترانيم النصرانية .. كمواد للتحميل..... هل كان للورق الأمريكي الأخضر ( الدولار ) سحرا لهذه الدرجة .. كل شيء أصبح قابل للبيع المبدأ و الفكر التاريخ والمجد والثقافة .. والهوية .. والإسلام ..

أين الغطاريف الأوائل .. أين أجدادنا الصيد من أكابرنا ليبصقوا على هذا العار .. .. أين أولئك الذين شيدوا لنا مجدا أثيلا .. لا يضاهى .. ليبصقوا على تلك النوعيات من المسخ الفكري والعار الثقافي..

ايها السادة لكل أمة موروث ولكل تاريخ .. ولكل فلسفة ومنهج حياة .. انه حق وباطل ولكل أهل .. ونحن نتملك طرف الحق من المعادلة .. {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} (119) سورة البقرة
فإذا افتخر الغرب .. بمونيكائياتهم .. وكونداليزياتهم .. و شيكسبيرهم .. و د .اتش لورنسهم .. وبمايكلهم وجاكسونهم ..
فنحن نفتخر بالغطاريف الأوائل والصيد من الأجداد .. نتيه فخرا بموروث المجد .. بكليب وائل .. ومرة .. وقصي وكلاب .. وهاشم وعبد المطلب .. نفتخر ..بأشرف الخلق وسيد المرسلين محمد.. أبا القاسم .. الذي علمنا بناء المجد فأخذنا إمرة الارض إغتصابا..
لا مجال للقياس ايها السادة بين الغطاريف الأوائل .. من قريش .. وبني هاشم .. وبني عبد المطلب من جهة .. وقراصنة البيت الابيض ..من جهة أخرى..
لا مجال .. أيها السادة .. لقد كان محمد بن عبدالله .. احد ثوارالله في الكون .. ملأها زهرا وحبا وعدلا ..
وكيف تنتقص الأعداء من رجل العز أوله والمجد آخره ..

نحن أيها السادة امة لها ميراث من المجد لا نفرط فيه .. وكانت أوليات المجد كتاب نزل من السماء [ ق والقرآن المجيد] .. ورسول كريم .. ومآثر .. للمجد .. وفرسان وثوار
من الصحابة الكرام ..
فان تمضي أشياخي فلم يمضي مجدها ولا دسرت تلك الُُعلى والمآثر
نشيد كما شادوا ونبني كما بنو ا لنا شرف ماضي وآخر حاضر ..
نعم نحن امة للمجد خلقت ....وللمجد فقط تعيش ..
سائل العلياء عنا والزمانا هل خفــــــــــــرنا ذمة مذ عرفانا
فالمروءات التي عاشت بنا لم تزل تجري سعيرا في دمانا
فكيف الحال و الأمة اليوم مغتصبة العرض واللحم والدم ,, مغتصبة الأرض في العراق وافغانستان وفلسطين .. إضافة الى الاراضي التي كانت وقف إسلامي الغير قابل للتفريط وكان الاسترداد لها فريضة .. مثل الفلبين والأندلس ..
امة مغتصبة الدم .. دمنا اليوم ُجبار في كل أنحاء العالم لنا دم مسفوح فوق كل ربوة وتحت كل وادي .. ولم يُثأر له ..
فكيف الحال وابو فراس معتقلا في غوانتنامو .. لم يرقبوا فيه إلا ولا ذمة .. استعملوه كفئران التجارب .. ووضعوه في اقفاص كأقفاص الحيوانات ..
يجربون عليه ادوية الغرب .. وتقطع أرجله ويعود على عكازين .. منهك القوى .. كسير البال ..وحزين الفؤاد .. ومازال هو أيضا ابو فراس ..
فالليث ليث وان كلت مخالبه والكلب كلب وان طوقته ذهب ..
اين الغطاريف الأوائل اين سيف الدولة ليدفع ليفتديه .. لم يبق لا سيف الدولة ولا رمح الدولة .. فإن أسيافنا ورما حنا .. كسرت والعوض على الله .. قالوا إن كليب بن وائل .. وعمرو بن كلثوم في الجاهلية .. وحمزة بن عبد المطلب .. وعمر بن الخطاب .. وعلي بن ابي طالب .. كانوا فرطة جينية لن تتكرر .. ولن تعود وان الغرب الآن يلعب بهرمونات البطولة لدى الأمة .. فعقمت عن الإتيان
بالفرسان وثمة خلل في الجينات الوراثية .. تمنع من تفعيل النخوة والبطولة في مواقف المجد ..

كيف وميراث المجد كائن في القرآن الكريم .. كائن في جيناتنا الوراثية وفي حليب وأرحام الأمهات المتوضئات .. وآباء المجد الورعين .. وفرساننا من الثوار ..
لا والله إن المجد باق .. ما بقي الإسلام شاهرا سيفه يخوض الملاحم لتحرير الأوطان .. والذود عن حياضه .. يغسل العار .. ويحمي العرض أن يستباح .. هذا المجد .. ما كان لنفرط فيه ما كان فينا عرق ينبض .. انه التزام أخلاقي والتزام عقدي أمام الله لابد فيه من إعلاء كلمة الله على يابسة الكون ..
انه الإسلام لابد أن ينتفض مجدا من تحت الركام ..

* * * *
وعلى جانب آخر..
دخل هيرتزل في أواخر ايامه على زوجته جان .. في ثياب رثة ..مبعثر اللحية .. فقالت له ما الذي فعل بك هذا ؟
فقال غدر الصحاب وخيانة اليهود ..
مفعول الخيانة .. امر يحكم الذهنية الغربية ..
لقد ذكر شيكسبير في مسرحية ما كبث.. في سياق الأمور الثقافية لديهم كتراث فكري أصبح طريفا ان يرتبط بما هو سائد اليوم على الساحة السياسية اليوم.. ذلك المبني على أصول الخداع والحيات وتغيير الجلد .. حيث قال شيكسبير ( لكي تخادع الزمام كن كمثل الزمان .. احمل الترحاب في وجهك وفي يدك وفي لسانك .. كن كمثل الزهرة البريئة .. ولكن كن كالحية الأصلة تحتها ..
To beguile the time look like the time bear welcome in your eye in your hand in your tongue , look like the innocent flower but be a serpent under it ,, William Shakespeare , Macbeth ..
وحينما نرجع إلى ديوان أبي فراس .. كدولة كانت على الثغور .. تمرست على الفروسية والكفاح.. خبر الروم عن قرب .. نجد ان خداع الأفاعي كان لهم سمة وديدن.. موجود لديهم منذ القدم وليس جديدا على الساحة فيما يخص مجلس الأمن والأمم المتحدة اليوم .. يقول ابو فراس ..
آوينا بين أطناب الأعادي الى بلد من النصار خال
نمد بيوتنا في كل فج بين الأراقم والصـــــــــــــلال
نعاف قطونه ونمل منه ويمنعنا الإباء من الزيــال
مخافة أن يقال بكل ارض بنو حمدان كفوا عن قتال
وهنا يشير انه عاش في ارض ..خالية من الأنصار.. وأقاموا بيوتهم بين الحيات إشارة الى الروم .. كما أنهم الحمدانيين كانت تعاف أنفسهم من العيش في تلك الأجواء ولكنهم يرفضوا ويمنعهم الإباء والنخوة من الرحيل .. حتى لا يقال .. [أنهم كفوا عن القتال] .. ان الكف عن القتال عار .. في رؤية ابي فراس فما بالك لوكان فرض عين .. .. كيف وان القتال .. في المشروع الإسلامي ,, فريضة .. {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (216) سورة البقرة... كيف أن الله يحب المقاتلين {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} (4) سورة الصف
وكانت الرؤية واضحة ..
فان عشنا ذخرناها لأخرى وان متنا فموتات الرجال ..

وانه يكون المبتغى هو المجد .. يكون الموت عذب
قد عذب الموت في افواهنا والموت خير من مقام الذليل
.ألا والله ان هي إلا موتات الرجال ..

تخر تلك المعاقل سجدا وترمي بالأهل تلك المطامر ..
فكيف يكون المجد حينما كانت تخر معاقل الروم سجدا ..
والقتال في التصور الاسلامي يختلف عن التصور الغربي .. فالقتال في الاسلام فروسية واخلاق .. فهو مشروع يحمل الشيم و مكارم الاخلاق .. وحي رددت الخيل حتى ملكته هزيما وردتني البراقع والخُمر ..
أي انه ..كان لا يصول على النساء .. وردته البراقع والخُمر .. مفرد برقع وخمار .. كناية عن النساء .. وهذا التصور .. يختلف في التركيبة الذهنية ,, والمنهجية التي يتعامل بها الغرب .. لقد قرأت تقريرا .. عن اغتصاب النساء في ابو غريب .. مع أحدى الأسيرات في مفكرة الاسلام .... بعدما خرجت ..
فالموضوع أي سبي المسلمات ..يوضح ان الامة اليوم تنام على الضيم . وتصحو على العار.. كيف يتسنى لهم ان يرفعوا رؤوسهم .. كيف ونساء الإسلام سبيا وعرضا منتهكا ..
ايها السادة الموضوع لا يستلزم إلا موتات الرجال .. ألا فلتنتفض ارض الإسلام مجدا من تحت الركام ..

* * * * *

بالرغم أننا قطعنا شوطا لا بأس به مع الفكر الغربي .. إلا أن الحقيقة لا بد أن تقال .. بالرغم من احترامنا
لسقراط وهو الذي يعتبر رائدا في الميراث الفكري للغرب ..فهو أول رجل يموت بسبب أفكاره .. حسب التصور الغربي .. فهو قد سفه آلهة الإغريق حتى اللحظة الأخيرة من حياته .. وواجه الموت بناء على ما آمن به من أفكار ..

إلا أن هناك بونا شاسعا ما بين الفكر الذي كائن على غير أسس من الهدى فكانت بنائيته على الفكر المحض .. فسقراط هو القائل thought is the actuality of life أي ان الفكر حقيقة الحياة ولم تختلف رؤية البرت بايك عن اسس سقراط الفكر هو وجود حقيقي للانسان هو قوة وطاقة لتفعيل الاشياء للتحكم في الاشياء كما هو الحال بالنسبة للعقل ..
A Human Thought is an actual Existence, and a Force and Power, capable of acting upon and controlling matter as well as mind. ~
Albert Pike 1809-91
ولم تختلف الرؤية في اوربا الشرقية
.. فلقد قال ميهالي كيزنتميهايلي.. الابداع هو المعنى الحقيقي لحياتنا .. وعندما ننهمك فيه نستشعر إننا احياء تماما أكثر من أي وقت اخر ...
... Creativity is a central source of meaning in our lives... [and] when we are involved in it, we feel that we are living more fully than during the rest of life. --Mihaly Csikszentmihalyi

إلا انه ثمة اختلاف بين العبثية الذهنية فالإبداع الغير مبني على أسس وتصورات مستقاة من مباديء السماء والحق المنزل..
اعتمادا على الحق المنزل .. الذي لم يكن عبثا على الإطلاق ,, ولم تكن قضية الخلق عبثا على الإطلاق .. {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} (115) سورة المؤمنون
فالفكر الغير مبنى على أسس ..تصبح فقط مجرد نوع من الضلالات والوهم القابل للأخذ والرد .. ولهذا نزلت سورة الشعراء لتعالج أمور الإبداع .. وحذرت من تلك المنهجية السائدة دوما .. {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (226) {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (225) سورة الشعراء .. ولقد ذكرت الشياطين في السياق {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} (221) فالآليات الفكرية للفكر الإسلامي .. لها تصور خاص حيث استثنت الآيات الكريمة من رجال الفكر . أولئك {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (227) سورة الشعراء.
انه الإيمان وعمل الصالحات .. وذكر الله كثيرا وحمل قضيا الحق والعدل والحرية والانتصار لها ..يقول سيد قطب عن النقطة الأخيرة فكان لهم أي رجال الفكر كفاحا ينفثون فيه طاقتهم ليصلوا إلى نصرة الحق الذي اعتنقوه .. الإسلام ليس ضد الإبداع . ولكن ضد أن يوظف الإبداع .. ليسقط بالبشرية من الذروة الى القاع والحضيض..وكانت الحقيقة التي لا مراء فيها اختلاف الإبداع ,, ونتاج عقول البشر .. عن الكمال المطلق والمجد المطلق .. لكلام الله .. فالإبداع البشري لا يعدو ذاته البشرية ..اما كلام السماء.. تسجد ازاءه العقول والأذهان ..فإذا قالت .. غيلدا راندر .. إن الإبداع هو تميزنا المجيد .. our creativity or our glorious uniqueness. --Gilda Radner الا أننا ..نختلف حيث ان تميزنا هو[ ق. والقرآن المجيد] ..ألا وهو اعتناق الحق المنزل ,, القرآن الكريم .. وهذا مثار الفخر والاعتزاز الحقيقي ..كان قول الله تعالى .. {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } (200) سورة البقرةفلقد قال الفرذدق لجرير يوما انك لاق في المناسك من منى فخارا .. فخيرني بما أنت فاخر .. إنها منى .. حينما كانت العادة في الجاهلية عندما ينتهي الناس من مناسك الحج .. تذكر كل قبيلة مجدها وفخارها ..كما كانت العادات في الجاهلية .. فجاء الإسلام ليرد المجد الى صاحب المجد المطلق .. الله تعالى .. {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } (200) سورة البقرةفكان رد جرير ,, لبيك اللهم لبيك .. انه افتخر بمجده الحقيقي .. وانتمائية مجده . إلى الله .الله مولانا وحبيبنا ونصيرنا .. الله هو عز كل ذليل .. وغنى كل فقير.. ومأو ي كل طريد .. وكل هارب إليه يلتجيء .. إن كان للأمم فخارا ومجدا فنحن نفتخر بإيماننا بالله .. كوننا أنصارا لله وجنودا لله وعبادا لله .. الذي حررنا وعتقنا من العبودية لغيره .. بلا اله الا الله .. واذا كان لكل امة ستايل يميزها فكان الاسلام .. {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (29) سورة الفتحفنحن نفتخر بما يقولون .. style.. وضوءنا وصلاتنا .. سيماء السجود بنمطية الشخصية الاسلامية .. ذلك المنظر الرائع في الوجود .. ان يقف .. لنا إماما في الصلاة ومن ثم .. نصلي وراءه ونركع ونسجد لله .. في هذا المنظر الجميل المهيب.. لو أُُخذ بصورة من الكاميرا ..من بعيد .. كان فيه كامل الانصياع لله الخالق الأعظم .. انه الدين القيم .. {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم. * * * * * *لا مجال للمقارنة والمفاضلة .. بين المنهجين..
انه القصور والعجز البشري لدى الإنسانية تجاه ذلك الحق المحض,, فيما يوحى من السماء إلى الأنبياء الكرام .
{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) سورة الإسراء... وهو ما يختلف في التركيبة المنهجية لدينا .. ولا وجه للقياس والندية بداية بين سقراط وإبراهيم عليه السلام مثلا..كإمام ورائد في التصور الإسلامي ..
فإبراهيم عليه السلام كان أول من واجه آليات الاستبداد الفكري والاجتماعي والسلطوي السائد .. كونه قام بتفعيل الذهن على نحو سليم .. ورصد القرآن موقف التفعيل الذهني لإبراهيم عليه السلام .. في الوصول إلى الحق المحض . {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} (76) {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} (77) {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} (78) سورة الأنعام كما لنا ان نراقب التصوير الرائع ..في قول إبراهيم ..[قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ] أي انه رد الهداية إلى مردها السليم .. إلى ربه ..
. وكان بعدها انه قام ببداية التفعيل .. على ارض الواقع .. وحمل قضية الإيمان وفرضها على ارض الواقع و. من تهشيم الأصنام .. وكان أيضا يستحث الذهنية السائدة على التفعيل وتشغيل الذهن.. نحو الإيمان بالله .. {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} (63) سورة الأنبياء..
إضافة إلى أن إبراهيم عليه السلام .. واجه الامتحانات بكل بطولة في ميدان الإيمان .. سواء أكان الأمر إلقاء به في النار .. ولم يتخلى عنها على الإطلاق وان كان الموت كائنا له في نار النمرود . لقد كان نموذجا رائعا ..
سواء أكان الإقدام على ذبح الابن بلا تردد بل ويرجم الشيطان لثلاث مرات بغية إنفاذ الامر .. ما هذه الروعة وهذا المجد في مضمار الاعتقاد وحب الله .. او ترك الزوجة والولد في واد غير ذي زرع من جهة أخرى .. لقد كان بطلا في مضمار العقيده والإيمان .. وأتم الامتحانات بنجاح .. فكان إماما ..
وموقف الاختلاف في المنهجية بين الإسلام والغرب .. في هذا البون الشاسع ..بين القلب السليم والفكر السليم وحالات الهوس والعته ..الذي انتهى بهم إلى الإجرام والجنس الجماعي وعبادة الشيطان .. الذي يصدر الينا .. ان بضاعة الغرب لا تصلح لنا .. فعوارها واضح على الملأ .. وكان تقرير بهذا البارحة .. على قناة العربية .فيما يخص عبدة الشيطان في قرية لبنانية .. وانتهى التقرير .. بصورة لمئذنة .. تقف بشموخ .. تعنى رمزيا من قبل صاحب التقرير .. ان شموخ المئذنة هو المستهدف..
كان الفرق بين نتاج العقل البشري وبين ما نزل من السماء ومنهجية أتباع كلا الفريقين في الحياة والذي كان النقيض بين مشروعين .. مشروع ابتنى على رؤى الشيطان .. ومعالجاته .. وبين هدي السماء وقيمته السامقة ..التي تنهض بالإنسان الى مراقي الحرية والعدل والفضيلة والأخلاق .. [ إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق ] ..وكلٌ له مشروعه الحضاري .. انه حق وباطل ولكل أهل ..
..
* * * * *

كانت زوايا الارتكاز ومثار الصراع الفكري يرتكز على أسس ..مابين الحق المحض والباطل المحض كتراث فكري فلسفي.. وكتب منزلة عبثت بها أيدي البشر .. من جهة
وبين ما نزل من السماء في صحف إبراهيم وموسى ,, والقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ..من جهة أخرى. من هنا كانت اختلافيه الوضع القائم بين المشروعين.فمشروع الرسالات يحكمه اهم قضية في الكون .. العدل في الأرض..
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (25) سورة الحديد وكان الموقف الخاص بهذه الأمة .. على وجه الخصوص تفعيل هذا الدور في حياة البشرية ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة
. فالمعادلة الفكرية للغرب ناقصة .. لأهم طرف .. ألا وهي تلك القيمة الكبرى للحق المنزل من [أعلى] أي السماء .. وظل ناقصا لديه أي الغرب. سواء في انعكاساته على الروح أو البنية العقلية. وهو بالتالي أي الفكر الغربي الذي لا يستند الى مستند سماوي هو بالتأكيد ضرب من العبثية والضلال .... قال الله فيه .. { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص50 انتهت محصلاته الى عبادة الشيطان والتحلل الأخلاقي والتدعر .. ناهيك ,, عن البعد الأساسي في مشروعه الحياتي والسياسي ..المبني على الظلم والإجرام والسطو المسلح على الشعوب الأخرى ,, استنادا على الموروث الفكري للقرصنة .. لتلك السفينة التي كانت تمخر العباب .. وعليها راية تحمل جمجمة ..وعظمتين متقاطعتين ..وذلك الاعور الذي يضع إحدى النظارات على عينه المفقوءة .. وهو به شيئا من الحقيقة الغربية التي ابتدأت من كريستوفر كولمبوس ..وفاسكو داجاما ليعيثوا في الأرض قتلا وإجراما .. باسم الصليب .. وهو لا يختلف. عن التصور الماثل في معالجة القراصنة القابعين في البيت الأبيض ..
وبناء على ما تقدم لم تنفع آليات التفعيل والتحليل لدى هيمنغواي .. بحيث انتهت حياته بالانتحار .. رغم حصوله على جائزة نوبل في الأدب ..
لقد كان الميراث الفكري للغرب يفتقد إلى مضامين الحقيقة القاطعة في الوجود الكوني ألا وهي أن( الله )حق .. حيث قد وقف عاجزا تجاه الغيب واعتبرها ميتافيزيقيا أو ما ورائيات .. يلعب فيها خيال وهلوسة الفلاسفة وتعدد الآلهة في التراث الإغريقي والروماني دوره .. انتهاء إلى ان النصرانية اعتبرته ميراثا ومخزونا مغزيا لها .. حتى بلاد المشرق اعتبروا ان الفرعونية ميراثا لنصرانية المشرق مثلا .. ولعبت العبثية الذهنية مجالا لا بأس به على غير هدى من الله أو الأسانيد المنزلة من فوق..كان هذا على المستوى المشرقي والغربي ومازالت لم تبت في إشكاليتها التي لم تنته ومعضلتها التي لم تحل أن الله ثالث ثلاثة .. في حين لقد كان الموقف لدينا مختلف حيث انه كان لدى التصور الإسلامي الإجابات الحتمية والقطعية تجاه موضوع الغيب ..من خلال القران الكريم وسنة الرسول الاكرم الذي من خلال الاسراء والمعراج كان هناك توضيحا لما رآه المصطفى الكريم في العالم العلوي من السماء..
أما فيما يخص الغرب وجراء ضلال الذهن واعتمادا على العقل وثلاثية الله .. عندهم .. كان لابد ان يكون هناك صراع ومقدماته موضوعية لمحصلات في النهاية ..الانتحار والمصحات العقلية .. إن النظريات التي لا تستند الى حق قابلة للإجهاض.حتما ..قام الصراع ما بين الكنيسة والعلم .. وخلع الغرب عنقه من ربقة الكنيسة وأي التزام أخلاقي تجاه السماء ذلك لأن أصول المعتقد غير واضحة حتى أوليات الاعتقاد ومفهوم تثليث الإله .. بعد أن عبثت أيدي البشر بكتبهم المنزلة . {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } (79) سورة البقرة..
. أن يتنصل من زيف الكنيسة .. وضعوها جانبا اللهم إلا..في إعطاء صكوك الغفران .. أما فيما يخص الحياة العملية ومعترك الحياة و معادلاته الحياتية دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ... والتي كانت تختلف عن التصور الإسلامي ان قيصر لابد ان يذعن ويخضع ويستسلم لله ..لابد ان ترفع على الكابيتول الخاص به راية الله اكبر.. ان الأرض لله والسماء لله .. {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} (66) سورة ص.. كما أن الصلاة والنسك والمحيا والممات لله .. {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162.. بل إن الأمر كله لله ,( قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ )آل عمران الآية 154 وأن الآخرة والأولى لله .. {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى }النجم25..وتبقى مشكلة الغرب كما قال تعالى إنها لا تعدو ظاهرا من الحياة الدنيا .. {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }الروم ذلك انه افتقد إلى الإيمان بالغيب .. وكفره بما نزل من السماء ..
(القرآن الكريم )انه لحدث عظيم .. ونبأ عظيم .. كان لابد ان تقف البشرية إزاءه موقف التهيب .. والانكسار والإذعان .. ألا وهو قول السماء .. وكلام السماء .. وقوانين السماء .. وشريعة السماء .. ليس هناك خيار ازاء الحق المنزل سوى القبول والتسليم والاذعان بل والسجود{فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (20) {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ*} (21) سورة الإنشقاق .. واخذ ما نزل بقوة .. ولا ثمة خيار{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب ..{ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (63) سورة البقرة
لا مناص .. فبالإسلام حسمت كل قضايا التحليل .. والعبثية الفكرية .. والتحليلات العقلية .. وهلوسة الفكر.. وليتجه الابداع الإسلامي على أسس من الفضيلة والحق والحرية والإيمان والكفاح.. اعتمادا على المرتكز في استقاء اليات الفكر .. ألا وهو .. ذلك القول العظيم الذي نزل على جبل النور بمكة ..(ألقرآن الكريم )
أجل انه لأمر جلل .. وحدث عظيم .. وكلام الله تعالى ينزل به جبريل الأمين على قلب محمد .. آن الأوان أن ينحسم الأمر بشكل قاطع .. وتزحف البشرية تلك الناكسة الرأس لكل أصنام الحجر والبشر نحو النور والحرية ليرفع محمد بن عبدالله هامتها من الانكسار لغير الله .. فلقد جاءت البشرية لتسمع كلام ليس مثله كلام .. {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (21) سورة الحشر.. وكان الرائع لدينا ان انتهت الأمور والبحث ..بحلقات الذهن المسلم من قضايا التحليل .. إلى قضايا التفعيل .فلا مجال ..كيف والرسول ,, يقول لقد مضى وقت النوم يا خديجة... واستأثر الصحابة الكرام بالحق المبين الذي جاءهم .. ولم يكن ليفرطوا فيه .. فهم قد أدركوا .. إن هؤلاء .. من أمم الكفر قاطبة .. والتي لم تزعن لله والتي لم تقبل .. أن اشرف ما فيهم كلب .. وقالها هارون الرشيد من أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم .. ان القيمة الكبرى للإنسان هي الإيمان.. انتهينا من محطات العبثية والتحليل .. إلى المقامات .. الضخمة في الكون .. لنخرج العباد من عبادة العباد .. إلى عبادة الله ,, ومن جور الأديان إلى عدل القرآن ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة .. لقد كان الرعيل الأول .. ليس لديهم مجال ذهني ان يضيعوه .. في كلام فارغ أو أوهام... بعدما ادركوا يقينا انه دين الحق {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (33) سورة التوبة.. إنها ضخامة المسئولية .. أمام الله و تجاه البشرية .. ومشروع حضاري .. ونموذج امثل يقدم للإنسانية ..
فيما كان الغرب يومها عاكفا على صنمية الفكر idols of thinking والتي ما زال يبحث عن مخرج .حتى اللحظة كما قال هربت شولسبرغ وغيره .في فض النزاع مع أصنام الكنيسة . إلا أن هذه المسائل نحن قد تجاوزناها منذ ألف 1400 سنة .. منذ أن اعتنقنا مبدأ لا اله الا الله .. وما كان لصنمية أيا كانت لها علينا سطوة .. انه تجرد الفكر والروح والعقل لقبول الحق المنزل .. من هنا .. تجاوزنا الفكر الغربي وآراؤه وتصوراته .. التي كان وما زال أسيرا لها إلى اليوم .. ولم يستطع الفكاك منها . في وقت تلقفنا فيه هذا الحق المنزل .. والنور المبين.. ننطلق على يابسة الكون .. نرسي مبادي الحق والخير والعدل والنور .. انه الإسلام . أهم حقيقة في الوجود الكوني . إنها حقائق على أسس من النور والوضوح و الإيمان .. نعم انه الإسلام ..

إلا أن القضية تبدو اليوم أكثر طرافة فالبشرية اليوم .. تنحو منحى الجاهلية الأولى ولكنها أضلها الله على علم .. فالغريب ,, اثر حوار بين وفاء سلطان من نيو جيرسي والأستاذ إبراهيم الخولي .. في الاتجاه المعاكس .. فقالت .. بكل صفاقة أنا علمانية لا أؤمن بالغيبيات ..
فلقد كان التصور الإسلامي واضح الدلالة .. في أول سورة من القرآن الكريم .. من سورة البقرة .. {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (3) سورة البقرة...يختلف عن منحى الغرب في الإيمان بالعقل .. وترك الحق المنزل .. الذي هو من روح الله .. الذي كان دوره ان يفّعل الروح .. نحو القيم الفاضلة .. والارتقاء بالروح والذهنية الإسلامية .. الى مراقي الايمان ومرافيء المجد.. والسمو عن حمأة الأرض والطين .. ومن ذلك ما أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد ، أن النبي صلى الله عليه وآله قال : يا حنظلة ، لو كنتم تكونون كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم أو في طرقكم (1). وفي رواية أخرى ، قال : لو كنتم تكونون إذا فارقتموني كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة بأكُفِّها ، ولزارتكم في بيوتكم(2). إلا أننا لابد .. أن نراجع التاريخ .. وما ملأه الصحابة الكرام مجدا وعزا وشموخا ..
ما هو السر الكامن خلف الأشياء .. في أن تكون تلك الحفنة من الأعراب التي تربت على أيدي المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت القوة الصاعقة على ظهر الأرض .. كل الأرض وبلا استثناء .. سادوا الأرض وقادو البشرية نحو العز والرفعة .. وحضارة تشرأب لها الأعناق..
القضية كانت تختلف . في تفعيل الإيمان .. في العقلية الإسلامية .. والروح الإسلامية بالأمس . فلقد كان قضية تفعيل البعد العقدي هاما .. اذ قام المصطفى بتفعيل العقيدة و التوحيد .. في الذهنية للرعيل الأول .. على نحو رائع .. وكانت القابلية على استعداد للتلقي .. والتفعيل العملي .. فكان يأخذ الفرد من القرآن الكريم ليس للثقافة ولكن ليطبق .. وكلما ازداد حفظا ازدادت تبعات التفعيل ..
وكان أهم شيء ليس الكم .. ولكن النوعية التي حملت هذا الدين وشمخت بعزة الإيمان لما درج عليه الحس الفطري وما زال قائما بعد ذلك حتى اليوم حينما يأنف احد العوام من الضيم والذل .. ينتفض قائلا بعفويه:[ الرأس لا ينحني الا لمولاه] .. كان التفعيل قائما فيما يخص بروح التشرب من النبع .. الإلهي الكريم ألا وهو .. القرآن الكريم .. انه ذكر لك ولقومك .. أي شرف لك ولقومك ..
وكان أيضا ذكرا للعالمين .. {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (87) سورة ص ومن ذلك كان المصطفى حريصا على ان يكون جنوده متشربين بنور القران وإشعاعاته على النفس والروح وتفعيل الإيمان ومنه هذا الحديث الشريف عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: حين أتاه عمر فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي. رواه أحمد والبيهقي في كتاب شعب الإيمان، وهو حديث حسن.وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال أفي شك أنت يا ابن الخطاب ألم آت بها بيضاء نقية، لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي..
فكانت عملية التلقي العقلي والروحي تؤخذ من القرآن .. يضفى النور على الذهن والعقل والروح . نورانية وإضاءات. الم يقل تعالى انه روح .. {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (52) سورة الشورى.. الم يقل جل علاه انه نور .. {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (8) سورة التغابن.. ألم يقل جل علاه .. أنه الحق .. {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (105) سورة الإسراء ...ألم يقل جل علاه انه مجيد .. {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (1) سورة ق
فماذا بعد الحق إلا الضلال .. وماذا بعد النور الا الظلام وماذا بعد المجد الا العار .. لا مناص ان يؤخذ هذا الامر بقوة .. وهذا ما كان ..
أخذت قضايا الإيمان البعد التفعيلي .. في القلب والوجدان .. يقتلعون الرواسي ويبنون المجد مؤتلقا مكينا ,, هذا هو الأساس ..
كما قال خالد ابن الوليد .. لقائد الروم .. لو كنتم في السحاب لحملنا الله اليكم او لأنزلكم الله إلينا .. إنها العقيدة .. التي تصنع المستحيل .. وإذا كان الله تعالى نصيرا لك فلن يقدر عليك أحد .. {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (160) سورة آل عمران
كان التفعيل .. قائم .. في مضمار .. الالتزام .. والإذعان .. للأوامر الإلهية المنزلة .. فلقد آثروا الله عن كل حميم .. وكان تعالى لهم هو الحبيب وقرة العين.. قدموا صفقة الإيمان عن كل متاع الدنيا ورغباتها .. ولنا أن نراقب مواقف التفعيل التي تمت على الساحة ..
فعندما نزلت الآية الكريمة . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (90) سورة المائدة.. قالوا انتهينا.. وافرغ المسلمون أوعية الخمر في شوارع المدينة ولم يعودوا لشربها مرة أخرى ,,
وعلى مستوى التفعيل النسوي في قضاياهن .. لم يختلفوا عن الرجال في مضمار التفعيل .. والأخذ بقوة ..
قالت عائشة رضي الله عنها : ( رحم الله تعالى نساء الأنصار .. لما نزلت الايه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (59) سورة الأحزاب ..شققن مروطهن فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنما على رؤوسهن الغربان )
القضايا أخذت مقامات التفعيل .. على كافة الأطر والمستويات .. ولما نزل الأمر بالجهاد ..
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (39) سورة الحـج.. كان لهم السبق ولم يشق لهم غبار في مضمار القتال .. والكفاح .. وكانت هذه النقطة تحتاج إلى وقفة .. لم تكن الحروب بالأمس مكشوفة الإحداثيات عبر الأقمار الصناعية .. قد يكون الرصد للأعداء غير واضح تماما .. من ناحية العدة والسلاح ..وقد تكون ارض مجهولة التضاريس .. فانطلقوا .. بتفعيل الإخلاص .قد يكونوا عدد قليل عدة وعتادا في مواجهة الكفر ... .. وحينما رأي الله منهم هذا الإخلاص .. أعطاهم وتكرم عليهم بمجد الدنيا والآخرة .. .. وانتهي الأمر إلى أن أصبحت الدنيا تحت أقدام العرب في زمن قياسي من عمر الأمم .. ما كان لهم ان يستبدلوا الضياع بالمجد ..
دين الله منتصر لا محالة {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (51) سورة غافر.. ما كان له رجاله يحملون القضية ..فالحق اذا وجد أنصارا ينتصر وإذا فقد رجاله ينهزم ولكن لابد أن يجري تفعيل العقيدة في الروح مجرى العصب والدم .. ولماذا كان أفضل الذكر لا اله الا الله؟ .. وتقال في الأذكار 100 مرة صباحا.. حتى لا ينتاب الذهن أدنى هاجس من الشرك .. والعبادة معناها التذلل والخضوع أي لا خضوع ولا تذلل إلا لله .. ولهذا كان السلف حريصون على هذا البعد بعد التحرر من شركيات البشر والحجر .. فكانت الرؤية نقية .. والإيمان نقي .. فلقد قيل ان قبلة اليد هي السجدة الصغرى .كما كانوا لا يبيعون دينهم على موائد الحكام .. قيل أن ..على أبواب السلاطين فتن كمبارك الإبل .. وقالوا يدخل الرجل بدينه على السلطان ويخرج ليس معه شيء .. وكان الحرص على الدين وسلامة الدين مقدم على سلامة النفس والذات ..
فحينما اخبر المصطفى عليا ابن ابي طالب .. أن أشقاها سيخضب لحيته جراء طعنة في رأسه .. قال الإمام علي .. افي سلامة من ديني .. ؟ قال المصطفى نعم .. قال الإمام علي أنه مقام الشكر ..
إن دين الله منتصر .. ولكن أين الرجال .. كما قال ابن ادهم .. يا له من دين لو كان له رجال .. ؟
دين الله منتصر .. ولا يغرنك .. تقلب أمريكا في البلاد .. {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ} (196) {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (197) سورة آل عمران
وكان الطرف الثاني في المعادلة .. في الآيات التي تلتها مباشرة .. {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ} (198) سورة آل عمران
.. الوضع الراهن للأمة .. انطلقوا من مقامات التفعيل .. إلى مقامات .. التعطيل .. أي انهم عطلوا .. آليات الإسلام في الحكم .. والحياة..
كأن يهيمن .. على يابستهم ,ويابسة العالم., وأن يكون مثار التفعيل في حياة الناس الأهم وما يبذل له غاية الجهد .. .. فكانت الطامة الكبرى والداهية العظمى.. عدم تطبيق شرع الله .. ونحوه جانبا .. و ارتضوا بقوانين الكفر بديلا.. وعدم الاحتكام إلى الشريعة . معضلة من كبرى المعضلات .. التي يجب ان تحل ..
فإن أسس واليات التشريع الكريم .. منزهة عن كل آليات الظلم السائد ..{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (50) سورة المائدة
كيف وأن الله تعالى أحكم الحاكمين . {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (8) سورة التين..
عطلوا الحدود .. وحاولوا الطعن في الشريعة وإقامة الحدود .. ولم يعرفوا ان الرحمة بالمجرم خيانة بالضحية .. وأن الله تعالى تنزه عن ذلك وتعالى علوا كبيرا .. من هنا كان قوله تعالى .. {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة..
لقد هجس فلاسفة الأرض بالبحث عن المدينة الفاضلة .. وركضنا خلفهم في شرخ الشباب .. بحثنا عن المدينة الفاضلة .. جمهورية أفلاطون .. والفردوس المفقود لجون مِلتون .. واقتنينا ..كتاب اليوتوبيا توماس مور .. وركضنا خلف النبي لجبران .. القضية التي كانت هي المثالية الرائعة الذي طمح إليها الذهن البشري دوما .. فكانت هي هاجسه ومبتغى حياته .. وهي باختصار العيش الكريم .. ولم نعرف أن اليوتيبيا تحققت بالفعل .. على المدينة المنورة ,, إنها مدينة محمد الفاضلة ..
وكانت آليات ومنطلقات العيش الكريم هي العدل في الأرض .. وهذا لن يتحقق إلا من خلال شرع الله الكريم .. {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (44) سورة يونس.. لقد قضت حكمة الله العليا .. تحريمه الظلم على نفسه وجعله محرما بين العباد وكان جل ذكره وسما مقامه..عادلا العدل المطلق وبغضه للظالمين قائم { وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (57) سورة آل عمران. { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} (29) سورة الكهف..
وكان مضمار الرسالات .. هو الوقوف في وجه الظلم والطغيان.. {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (10) سورة الشعراء.. {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (24) سورة طـه
وكان مفهوم الظلم لغويا وضع الشيء في غير موضعه .. وكان من اكبر أنواع الظلم .. عدم إنزال شريعة الله مقامها العظيم في مضمار التحكيم والتكريم..
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5) سورة الجمعة
لاحظ .. الوصف الإلهي .. أنهم حمير .. وظالمين في آن واحد .. ظالم .. لأنه لم يستعمل آليات الذهن والجهد في تفعيل هذا الكتاب العظيم تشريعا وحكما
وانه استعمل عقله على نحو خاطئ .. أو لم يستعمله على الإطلاق .. انه لم يفّعل الذهن .. ليس إلا حمارا يحمل أسفارا .. فهو لا يدرى كنه المجد الكائن بين طياته .. ما أسوأ أن يكون العلاج لكل معضلاتنا بين أيدينا ونمنعه عن الشعوب


إنها سادية الاستبداد .. ولهذا قالوا ان بطن الأرض ارحم حالا من الاستبداد .. ذلك لأن الاستبداد يستدرج الشعوب إلى محطات غير مقبولة ألا وهي الكفر والانتحار..ذلك لأنه يهدر قيمة الإنسان كآدمي .. ولايبقي له على شيء.. لا دين ولا دنيا .. فجوف وكرش الاستبداد شاسع اكبر من صحراء نيفادا او.. الاسكيمو ... ان يستوعب مليارت وكنوز الأرض و الشعوب بشكل لا يتخيله عقل .. وفي الوقت نفسه .. لا يجد الفرد من الشعب ثمن لعلاج او دواء .. او كسرة خبز .. الاستبداد لا يبقي على دين .. ولا دنيا .. فالمستبد هو الإله .. والشعب هو العبيد .. وكان ساديا على مر التاريخ .. يقوم بمهنة قذرة .. يبتدئها دوما مع رجال الفكر .. فما الذي يجعل المهدي بن بركة يذاب في الأسيد .ما الذي شنق سيد قطب . ومن ثم تطبق النظريات الإجرامية على الشعوب .. التجويع من أجل التطويع .. انتهاء الى ما تمارسه اليوم إسرائيل مع حماس ,, وأمريكا مع حماس .
لذا كان لقد خلق الله الانسان ليعيش كريما في سعة .ورغد من العيش الا أن الاستبداد. يتمرس في كيف ..ينهب الوجبة البسيطة من قوت الضعيف ..
قال الشاعر ..
حتى متى فرعون يقهر عزتي والى متى هامان ينهب زادي
والى متى يقلق راحتى كسرى وقيصر يسترق بلادي
ما في الممالك والمدائن سالم من سوط جبار وصولة عادي

إن آليات العيش الكريم .. ابتداء وانتهاء .. تنطلق من مقام تفعيل القرآن الكريم في النفوس والشعوب .. والتحكيم .. {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ} (66) سورة المائدة
.. أي أنهم لو أقاموا وفعّلوا كلمة الله ..لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم .. تصور إلى هذه الدرجة .. عندما يفعّل العدل .كما حدث في عهد عمر بن عبد العزيز .. لم يجدوا فقيرا ولا مسكينا ليمنحوه عطاء من بيت المال . الكل غني ..
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا} (16) سورة الجن
ولكن هناك أولئك الساديون من لا يريد العيش الكريم للشعوب ومن يمارسون إذلال الشعوب وإهانة الشعوب بالرغم أن الله انزله مقام التكريم . {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (70) سورة الإسراء... لا انه يريده ,, جائعا .. لاهثا .. عن رغيف خبز .. يقف في طابور طويل ويخوض معركة صباحية ومسائية أمام الخباز .. بغية أن يحصل على بضعة أرغفه تسد رمقه ورمق أولاده الصغار..
وكان الله تعالى .. دوما .. هو .. الحيبيب ..فمن لنا غيره .. إله عظيم ..
إبن آدم خلقتُك بيدي وربيتك بنعمتي وأنت تخالفني وتعصاني فإذا رجعتَ إليَّ تبتُ عليك ، فَمِن أين تجدُ إلهً مثلي وأنا الغفور الرحيم...

مربط الفرس ..{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (105) {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ} (106) سورة الأنبياء إن الله تعالى قيوم السماوات والأرض {اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) سورة آل عمران.. فهو الذي يحل كافة المعضلات .. التي يعجز إزاءها الذهن البشري .. ويقف ازءها البشر بالعجز والتسليم .. فما كان الله ليعجزه شيء.. { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَررض } (44) سورة فاطر من ثم يعطى الله تعالى للعباد مخرجا .. إزاء تلك المعضلات { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (2) سورة الطلاقفالله تعالى بيده ملكوت كل شيء .. {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (83) سورة يــس فهو تعالى حال نصره انتفت أي غلبة للاعداء{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } (160) سورة آل عمران الله تعالى هو القوي العزيز وهو ذخرنا للنوائب وندعوه في الشدائد .. وعنده العزة { فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} (139) سورة النساء وان القوة لله جميعا { أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً } (165) سورة البقرة ندعوه نستجلب خيره ونصره وتكرمه وعفوه فيأتي الله بما لم نحتسب .. { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (2) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (3) سورة الطلاقفي الوقت ذاته إن أولئك الذين يحاربون الله يأتيهم الله تعالى من حيث لا يحتسبون . { وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) 2 سورة الحشر. الخير كله عند الله .. { بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران (الخير كله بيديك والشر ليس اليك )دعاء نبوي.. فهلا عقدنا الصلح مع الله .. وكنا أنصارا لله جنودا لله .. لأي صفقة خاسرة حينما يطرد المرء من كنف الله .. زمن رحمة الله وستر الله .. انه يصبح بلا حيثية ولا كرامة .. لا شك أن الكلب الأجرب الذي يهيم على وجهه في الدروب والسكك الفكرية .. أحسن منه حالا .. حيث يقذف بحجر من هنا .. ويلهث من هناك .. من هنا كانت العزة والمجد للأمة بيد الله .. حينما تكون وفية له ولدينه ولشريعته ولم تضيع أمره .. في الأرض .. ومن هنا قال الشاعر .. هم يطفئون المجد والله موقد وكم ينقصون الفضل والله واهب .. فمجد الأمة مقدماته الأولى هو الانتصار لله ودينه وإعلاء كلمته .. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمدلن كل خيوط الكون بيد الله .. فهو الحول وهو القوة .. فلا حول ولاقوه إلا بالله .. ولماذا كانت من الذكر .. لهذا قال الشاعر من لم يوق الله فهو ممزق ومن لم يعز الله فهو الذليل ... والله بيده الضعة والرفعة .. إيتاء الملك ونزع الملك .. والعزة للمؤمنين والإذلال للكفرة والمشركين ..لهذا قال احد السلف .. ربي اذ وضعتني فمن ذا الذي يرفعني وإذا رفعتني فمن ذا الذي يضعني .. كما ان عون الله قبل اجتهاد المرء اذ لم يكن الله عونا للفتى فأول من يجني عليه اجتهاده .. كما ان التقدم و التأخر على الخلف .. بيد الله .. اذ لم يدن الله الفتى من مراده فما زاده الإقدام إلا تبعدا ..حتى في مضمار الفكر .. ما الذي يجعل ابن سينا يقوم الليل إذا فاجأته معضلة في الرياضيات او الطب .. كي يلهمه الله توفيقا وسدادا.. وتتسع الدائرة في المنهج حتى في صغار المسلمين .حينما يدعو احد الأطفال المسلمين الله . وكانت معضلته جدول الضرب .. فيدعواللهم إني استودعت عندك جدول الضرب .. فأعطني اياه عند الحاجة .. الله رب الكل .. ولذا كان الصحابة يستخيرون الله اذا انقطع شسع نعله .. وكذا أيضا تفويض الله في كافة الأمور من المعضلات .. { وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (44) سورة غافر وكذا التوكل على الله .. {وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} (132) سورة النساء الله رب الكل فهو رب إبراهيم .. الذي قال { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} (77) سورة الأنعام وهو القائل {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} (78) {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } (79) {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (80) {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} (81) {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } (82) {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (83) {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (84) {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} (86) {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} (87) {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} (88) {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (89) سورة الشعراء كانت قضيته أن يلحقه الله بالصالحين .. وألا يخزه يوم يبعثون .. ويجعل له لسان صدق في الآخرين .. وطلب المغفره لأبيه ..والله هو رب العباد أيضا رب ابن سينا العالم .. وهو أيضا رب الطفل الصغير .. لذا كان لابد من رد الامر كله لله .. من هنا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ..( استعن بالله ولا تعجز ) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (5) سورة الفاتحة فحينما يكون الله عونا للعبد ُحلت إمامه كل المعضلات ..لأن الأمر كله لله .. { قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ } (154) سورة آل عمران وكان هذا التصور الرائع في مفهوم الإيمان .. لذا كان لابد للمسلم .. ان يكون لله .. فهو يقول ..في النوازل والمصائب.. إنا لله وإنا إليه راجعون .. وهذا التصور الرائع .. كان في سورة الأنعام {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (162) سورة الأنعام
بهذا التصور الرائع .. تكون الحياة ذات مذاق رائع .. ان يأوي الإنسان .. إلى كنف الله ورحمته .. وان وصدت امامه ابواب الأرض و كل دروب الأرض بشكل محكم .. .. يكفيه( الله )من صفقه الوجود .. برمته .. {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } (36) سورة الزمر ...إنها صفقة رائعة .. ان يكون العبد لله كما الله كان دوما أيضا للعبد .. .
جاء في الحديث : إنه إذا رفع العبد يديه للسماء وهو عاصي فيقول يا رب ، فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها يا رب ، فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها يا رب ، فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها في الرابعة ، فيقول الله عز وجل إلى متى تحجبون صوت عبدي عني؟ لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي..
يأويه وينصره ويتفضل عليه كرما ومجدا ومالا وعطاء .. ماذا بعد الله تريدون .. ؟!! إنها الصفقة الرائعة في الوجود الكوني .
يقول الله تبارك وتعالى : يا عبادي إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيتُ كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر...
عبدي أخرجتُك من العدم إلى الوجود وجعلتُ لك السمع والبصر والعقل عبدي أسترك ولا تخشاني ، اذكرك وأنت تنساني ، أستحي منك وأنت لا تستحي مني ، مَن أعظم مني جودا ومَن ذا الذي يقرع بابي فلم أفتح له ، ومن ذا الذي يسألني ولم أعطيه ، أبخيلٌ أنا فيبخل عليَّ عبدي؟ ..
أوحى الله لداود : يا داود لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقاً إليَّ يا داود هذه رغبتي في المدبرين عني فكيف محبتي في المقبلين عليَّ..
يقول الله عز وجل : إني لأجدني أستحي من عبدي يرفع إليَّ يديه يقول يا رب يا رب فأردهما ، فتقول الملائكة إلى هنا إنه ليس أهلا لتغفر له ، فأقول ولكني أهل التقوى وأهل المغفرة ، أشهدكم إني قد غفرت لعبدي..
جاء في الحديث أنه عند معصية آدم في الجنة ناداه الله : يا آدم لا تجزع من قولي لك (أخرج منها) فلكَ خلقتُها ، ولكن انزل إلى الأرض وذلّ نفسك من أجلي وانكسِر في حبي حتى إذا زاد شوقك إليَّ ، وإليها تعالى لأدخلك إليها مرة أخرى يا آدم كنتَ تتمنى أن أعصمك؟ قال آدم : نعم فقال : يا آدم إذا عصمتك وعصمتُ بنيك فعلى من أجود برحمتي ، وعلى من أتفضل بكرمي ، وعلى من أتودد ، وعلى من أغفر يا آدم ذنب تذل به إلينا أحبّ إلينا من طاعة تراءي بها علينا يا آدم أنين المذنبين أحبّ إلينا من تسبيح المرائين... نعم انه الله فقط.. ولا شيء سواه .. وهذا هو الأساس في مضمار التوحيد .. فاعتصموا بالله عباد الله .. {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعرافنعم ان العاقبة للمتقين .. وليست للمجرمين .. او الظالمين .. فلقد اخذ الله فرعون رمز الكفر والظلم والطغبان .. {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} (40) سورة القصص... فإذا مررت على الكنانة فأقريء فرعون السلام .. فلقد أخذ الله ابرهة وجيشة ..{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} (1) {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} (2) {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} (3) سورة الفيلفإذا مررت على بطحاء مكة .. فأقريء ابرهة السلام .. واذا مررت على بئر بدر فاقريء ,, ابو لهب السلام ..واا مررت على اليمامة فأقريء مسيلمة السلام .. {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ} (12) {وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ} (13) {وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } (14) سورة ق فإذ مررت على يابسة العالم فأقريء الظالمين السلام.. إن الله تعالى علوا كبيرا .. ان يكون غافلا .. {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} (42) سورة إبراهيم ..فإذا مررت على مستشفى هداسا الطبي فأقرئ شارون السلام .. {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } (255) سورة البقرةتعالى علوا كبيرا ان يكون نائما .. او يكون ظالما .. فله المجد المطلق وله العدل المطلق .. {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (40) سورة النساء {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (7) {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (8) سورة الزلزلة وبناء على ما تقدم إذا مررت على البيت الأبيض فأقريء جورج بوش السلام .. * * * * *إلهنا أقسمنا عليك بأنوار قدسك وجلالك الرفيع .. ومجدك الذي لا يرام .. عزا ومجدا للإسلام والمسلمين .. انه الملك بيدك تؤتيه وتنزعه .. فأنت اله السموات وأيضا رب الارض .. إلهنا وحبيبنا ومولانا إن الأرض.. أنت إلهها ... {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (84) سورة الزخرف. فجود على أمتك ..(امة لا اله إلا الله ).. عزا ومجدا وكرما وتمكينا في الأرض .. وخلافة إسلامية تضرب أطنابها في أرجاء الكون يعز فيه أهل الايمان ويذل فيه اهل الكفر والطغيان .. ليزداد المؤمنون .تيها فرحا بإعلاء كلمتك .. ويزداد الكفر كمدا .. إنك على ذلك قدير ..
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران* * * * *
أيها السادة : إن ما نراه اليوم .. هو تعطيل وليس تفعيل .. لمبادئ السماء وشريعة السماء .. واستعاضوا عنها بقوانين القرصنة والسلب والنهب .. قرآننا ذلك الكتاب الذي كان سفر المجد الأول والأخير للأمة عطلوه .. ليس في التحكيم فحسب .. بل بإيعاز من واشنطن تغلق .. مدارس تحفيظ القرآن .. يريدون ان يستبدلوا حضارة المجد القرآني بحضارة الايدز النصراني .. لقد جاء القرآن لكي يفّعل في هذا الوجود .. حكما وتشريعا وتلاوة واستنباطا للأحكام .. كي تسير الشعوب على هديه وأحكامه .. ولكن انظروا إلى ابسط آليات التفعيل .. إن مكانه مجهولا في بيوت المسلمين وعليه الغبار .. ولا يتلى إلا في رمضان .. كيف والمجد كائن لكم بين صفحاته كيف وهذا ذكركم .. شرفكم ومجدكم

آليات التفعيل ,, تنطلق من اللحظة .. ان يأتي كل أب مسلم على النابغ من أبناءه بل كل أبناءه ويحفظهم القرآن .. ويجعلوا لهم في البيت جلسه يوميه مع القرآن .. لابد أن يفعّل القرآن في البيت المسلم ..
لابد أن يقوم الكتاب والمفكرين .. على إعلاء كلمة الله في الأرض .. ويفعّلوا دور الكلمة نحو مجد الأمة ومجد الدين
لابد على المناضلين السياسيين أن يقوموا على تفعيل كلمة الله من خلال العمل لتحكيم شرع الله ..
لابد من تفعيل دور الوعظ والإرشاد الديني وفي استيعاب مفهوم لا اله إلا الله .. والتوحيد .. حتى تستشعر الشعوب الحرية .. وحب الله ..
تغيير الكون لن ينجم إلا من خلال تفعيل القرآن وسنة والمصطفى .. في الوجود .. وبث روح العدل والحرية المنطلقة من الإيمان مشروع الإسلام الحضاري في الكون .. لابد أن يأخذ مجرى التفعيل ..فمازال لدى الإسلام الكثير ليقدمه للبشرية .. ولنا أن نقول لكم إن كل الوجوه المتعددة التي تراها على الساحة في الكون .. مهما اختلفت مشاربها .. لا تحمل الا وجها .. وهو الوجه الكالح للباطل ولها مسمىً واحدا ألا وهو الباطل .. ناهيك أنهم ليس لديهم مشروع حضاري يقدمونه .. وبالتالي ليسوا مؤهلين للضلوع بمهام هذا الأمر .. ألا وهو الأمر والنهي في الكون وقيادة البشرية .. فقط ان الأمر ..يخص الإسلام .. وحده فقط هو المؤهل للقيام بهذا الدور .. وليس لأي امة أخرى فيه ناقة ولا جمل . أجل ليس للغرب ولا قومه فيه إصدار ولا إيراد ..



القرآن الكريم كتاب الله
ديوان ابو فراس الحمداني
Idols for Destruction: The Conflict of Christian Faith and American Culture. by Herbert Schlossberg