jeudi, mai 25, 2006

ما أسوأ ان يحيض الرجال وتباع الاوطان عبد الرحمن عبد الوهاب كاتب مصري


كانت المفارقة غريبة ما بين امس واليوم .. كانت الحياة عبارة عن خيول ذات صهيل .. ومجدا رائعا .. ومعارك للعز .. كانت بالأمس تخفق الرايات .. كانت الحياة رائعة ما بين بريق السيوف واسنة الرماح ..كانت الحياة تستحق ان تعاش .. فما الحياة ايها السادة.. الا ساعة مجد .. ولحظة عز .. وتحقيق ملك .. وراية تخفق في سماء الكون . وصيحة الله اكبر تدوي في فضاء العالم .. وبعد النصر والفتح المبين تسجد جباهنا شكرا لله..كان الخليفة يتقدم زحف الجيوش .. ويشير نحو العدو. ويقول لهم احملوا على قادة الكفر في العالم .. واقطعوا ارسال البث المباشر.. وقولوا لأعلى رأس في الكون.. اسلم تسلم .. وبنظرة عابرة نرصد فيها الواقع المعاش..سنجد حالنا كما قال الشاعر :تساقط الفرسان عن سروجهمواعلنت دويلة الخصيانواعتقل المؤذنون في بيوتهموالغي الاذان...جميعهم .. تضخمت اثدائهمواصبحوا نسوانجميعهم يأتيهم الحيض ومشغولون بالحملوبالرضاعة...جميعهم قد ذبحوا خيولهموارتهنوا سيوفهموقدموا نساءهم هدية لقائد الروماننعم أيها السادة ..قدموا نساءهم هدية لقائد الرومان جورج بوش ....أيها السادة .. ما اسوأ ان يحيض الرجال ..ماذا بعد. ولأي شيء نعيش ..في واقع الذل واقع استباحة عواصمنا وفي عقر دارنا ..القدس وبعداد على بعد امتار من القاهرة ودمشق وعمان والعالم العربي مازال منبطحا.. لم يجرد سيفا ولم تعلوا له راية.. وهاهو السيف كسر و الصهيل غاب ولا صوت ولا صدى .. بل يقولون يجب ان تبقى اميركا في العراق .. وهاهي كل عواصمنا قاب قوسين ان تتحول إلى غرناطة واشبيلية .. هاهي المآذن تختنق وترتج شوارعنا بالدموع في الفلوجة وغيرها.. هاهي الامة يهتك عرضها حتى في المساجد كما حدث في الفلوجة ..وهاقد أصبحت الأوطان تباع بالجملة .. والكل يصبغ احذية الغزاة .. لا سيف يشهر .. ولا قران يذكر . ولا سورة التوبة ولا الانفال .. ولا سورة القتال (محمد). بل ارتضوا قرانا جديدا من جورج بوش.. اله العصر ..وصاروا يشدون قوافل الحجيج الى واشنطن ويحرموا من إسرائيل.. نحوا كل المواثيق .. ونقضوا كل العهود .. ابتداء من الجعفري و العلاوي . والسيستاني . وال الحكيم.. الذين يعانون من آلام الحيض .. وصولا الى ابو مازن الذي اعطانا يوما.. تصريحا بما يشبه الطعنة انه لا تعتبر اسرائيل عدوا ..وكان الله تعالى هو اول من نقضوا عهدهم معه .. ونفضوا ايديهم من يده ..وبعدما كان النقض والنفض كان البيع لكل شيء.. ولم يستحوا من الشعوب .. ولا لما تدونه صفحات التاريخ وراحوا يهرولون لصبغ حذاء القتلة..واصبح اقتصاد الأوطان.. يباع .. وآيات الله تحذف من كتب الاطفال الصغار والتاريخ العظيم .. بغية ان يخرجوا لنا اجيالا يوما .تحيضوهاهي جغرافية الاوطان تباع .. و المجد التليد اصبح في خبركان ..لأي شيء تستحق تلك الحياة اليوم ان تعاش .. ولا مجدا ولا سيوفا ولا رايات .. ويسفهون جهاد الامة ضد الكفر في العراق وفلسطين وسؤلا يفرض نفسه [ الم يكن جورج بوش ارهابيا في قتل 100 الف عراقي ..خلال عشرين يوما من القصف المتواصل ] على بغداد ولكن أيها السادة دم المسلمين جبار .. لا يثأر له ..بالرغم انهم قالوا قديما أن الدم لا ينام ..أي أن صاحب الثار لا ينام ..ولكن دمنا نام واسترخى .. وقال للكفر هيت لك ...بل انهم يريدون تسليم الاوطان .. بلا قتال ..وهاهم في مصر قد سلموا لشارون بالامس قوت اطفالنا.. ومسحوق حليب اطفالنا الجوعى الذين يعانون من الانيميا .. وسوء التغذية .. الذين يعانون مما جلبه علينا يوسف والي ببلاويه من تل ابيب سواء من سرطان وفشل كلوي وامراض لم ولن نكن نسمع عنها ..
.. بل وثالثة الأثافي ..اصبح من حق اليهودي المغتصب..للأقصى والقابع على بعد امتار منا . ان يسكن ديارنا.. ويقتسم أقوات الأجيال القادمة .. وغرف البيوت.. وطوب الشوارع .. وحيطان المساجد عبر اتفاقية الكويز مع اليهود..بل وياتي اليهودي ليلقي الكلمات في الندوات لينظر للفكر الصهيوني .. في مرابعنا .. كما أخبرتنا جريدة العربي في عددها الأخير
أي واقع نعيش حينما يعلن اسرائيلي من تركيا .. ارض الخلافة .. قبل البارحة .. أن الجهاد ارهابايها السادة .. من يوقف المهزلة ..نحن لم نر عصرا ترتهن فيه السيوف .. ولا تذبح فيه الخيول .. ولا تقدم النساء هديه الى قائد الرومان الا هذا العصر ..العراق محتله .. والأقصى محتل.. ومازال العديد من حكام العرب يغيرون من آن لآخر فوط العادة الشهرية ..ما أسوا أن يحيض الرجال أيها السادة ..نعم لم ترقأ دمعتنا منذ الأمس على الأندلس.. وهناك في الافق البعيد كانت فلول الأمة الزاحفة نحو البحر ولم يترك لها الكفر بكرا ولا مئذنه .. كما قال المقري .في كتابه نفح الطيب عن الصليبين الأسبان. كان الفرنجة لعنهم الله يغتصبون البكر بحضرة ابيه والثيب بين أهلها وزوجها .. وهاهو التاريخ يعيد نفسه .. حيث ذكر احد الخارجين من ابو غريب ان الأمريكان .. اغتصبوا فتاه أمام والدها ..كانت الامة ..بالأمس .. كما هو واقعنا المعاش اليوم .. اكتفت فقط بإقامة خياما للاجئين تحت جبل طارق .. أغمدت سيوف الفاتحين .. كان لغزا صعب التحليل .. وإشكالية صعبة الاستيعاب.. بالنسبة لنا.. كيف بعد ثمان قرون .. أي 38 جيلا ..تنفسنا .. انجبنا.. اجيالا .اكلنا .شربنا..عشنا.. بنينا حضارة .. كان لنا وجود ..وبعد كل ذلك لا عين ولا اثر .. نمسح من الوجود ..وهناك على التلال التي تطل على غرناطة يتوقف ابو عبد الله الصغير . ليسلم مفاتيح المدينة. ليودع ذلك الملك المضاع ..فيجهش بالبكاء .. يبكي على وجود اسلامي مسح من الوجود.. على مساجد وقصور ومآذن .. وأمة مستباحة..فتقول امه له ابك كمثل النساء ملك مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال ..نعم لقد كان ابو عبدالله الصغير من تلك النوعية ..التي عايناها في هذا الزمان و عنيناها في عنوان هذا المقال .. الا وهي عندما يحيض الرجال .. فالبكاء من شيم النساء .. والمحافظة على الملك من شيم الرجال ..وهانحن اليوم .. في زمن حيض الرجال .. نعيش مأساة الأمس ..في البكاء على القدس وعلى بغداد ودمشق في التأهيل لتأخذ دورها .. بعدما وضعت امريكا .. الجدول والخطة الزمنية ..وسؤال يفرض نفسه علي أي شيء نراهن اليوم ..بعدما ذبحت الخيول.. وارتهنت السيوف .. وحاض الحكام ..وصارت الجزائرين على سبيل المثال.. كما وردت اخر الإحصاءات 10000جزائري يرتدون عن الاسلام ويتحولوا الى النصرانية .. و البانيا من 6نصاري الى 165 كنيسة .. على أي شيء نراهن ..ونرى أحد الشباب من شمال أفريقيا كان مسلما يرتد ويتحول الى النصرانية ... يقف في فرنسا وأمامه طاوله ليوزع الأناجيل على االمارة .. فاذا نقض الحكام العهد مع الله ..يجب الا تنفض تلك الشعوب العهد مع الله .. أيها السادة .. من خلال التأمل المستفيض لهذا الواقع..نحن سئمنا من قضية الحيض والنفاس سواء للفقهاء .. وحيض ونفاس الحكام ..وعلى كليهما الرحيل ..ارحلوا .. وكفاكم بيعا للامة .. سواء جغرافيا .أو شعوبا . أو ثقافة أو دينا او اقتصادا او تاريخ ..ارحلوا .. لا لن نزرف عليكم الدموع .. بل سنودعكم بالنعال .. على ما اقترفت أيديكم من جرائم على الأمة .. وما جررتم عيها من بلايا ..
نريد فرسانا .. كالغطاريف الاوائل من الشم من اجدادنا الصيد .. الذين صتعوا لنا مجدا ..أثيلا تشرأب له الاعناق ..فنحن نريد فرسانا من الحكام لا يقبلون عارا.. ولا ينامون على ضيم ..نحن نريد فرسانا من الحكام يأخذون السيف بحقه أي يقاتلون به العدو .. حتى ينثني ..نحن نريد فارسا يشهر السيف في وجه الكفر ولا يتهيب الموت ويتقدم تلك الملايين في ساحات الوغى ..نريد فارسا يعكس بريق سيفه قبة الصخرة الذهبية ..ويجرد في سماء بغداد ..بالله عليكم ارحلوا .. لان لم يعد هناك في الوقت متسع الا ان تتحول مساجدنا الى محافل ماسونية .. او معابد يهوديه او كنائس نصرانية .. وان يرتل أطفالنا قران جورج بوش الجديد .. بدلا من قرآن الله ..نعم ان ديننا مهدد وثغورنا مستباحة.. ارحلوا وعندما تطهروا من حيضكم عودوا .. ولا اظنكم يوما ستطهروا .

mardi, mai 23, 2006

تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2006

رقم الوثيقة
POL 10/018/2006
م23 مايو/أيار 2006
الفقراء والمحرومون في العالم يدفعون ثمن الحرب على الإرهاب

لندن قالت منظمة العفو الدولية اليوم، لدى نشر تقريرها السنوي، إن عام 2005 كان عام المتناقضات، إذ برزت بعض بشائر الأمل في مجال حقوق الإنسان، ولكنها أُهدرت بسبب ما تمارسه الحكومات القوية من خداع ورياء فضلاً عن وعودها التي لم تتحقق.
وبمناسبة نشر تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2006، قالت الأمينة العامة للمنظمة أيرين خان إن الاعتبارات الأمنية للدول القوية والغنية قد حرفت اهتمام العالم وطاقاته عن الأزمات الخطيرة لحقوق الإنسان في أمكن شتى.
ومضت أيرين خان قائلةً: "لقد أقدمت الحكومات، فرادى وجماعات، على شل المؤسسات الدولية، وتبديد الموارد العامة سعياً وراء بعض المصالح الأمنية الضيقة، والتضحية بالمبادئ تحت ستار "الحرب على الإرهاب"، مع غض البصر عن الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان. ونتيجةً لذلك، تعيَّن على العالم أن يدفع ثمناً باهظاً، تمثل في الانتقاص من المبادئ الأساسية وفي الخسائر الفادحة التي لحقت بأرواح الناس العاديين وبمصادر رزقهم".
وفي إشارة إلى الصراع الدائر في دارفور، والذي أدى إلى مصرع آلاف الأشخاص وتشريد الملايين، والذي ارتكبت خلاله جميع الأطراف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، قالت أيرين خان "إن الاهتمام المتقطع من حين لآخر، والإجراءات الضعيفة من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، كانا للأسف أقل بكثير مما يتطلبه الوضع في دارفور".
وفي غضون عام 2005، انزلق العراق إلى هوة عنف طائفي، وهو الأمر الذي دعا أيرين خان إلى التحذير بقولها: "عندما تكون الأطراف القوية من الغطرسة والعجرفة بحيث تحجم عن مراجعة وتقييم إستراتيجياتها، فإن العبء الأكبر يقع على عاتق الفقراء ومن لا حول لهم، وهم في هذه الحالة عامة العراقيين من النساء والرجال والأطفال".
كما بدا خلال العام المنصرم أن الوضع في إسرائيل والأراضي المحتلة قد سقط من قائمة الاهتمامات الدولية، مما عمَّق من إحساس الفلسطينيين بالتأزم واليأس، كما زاد من مخاوف السكان الإسرائيليين.
وبلغت وحشية وكثافة الهجمات على أيدي الجماعات المسلحة مستويات غير مسبوقة خلال العام، مما أسفر عن خسائر بشرية باهظة.
وتعقيباً على ذلك، قالت أيرين خان: "إن الإرهاب الذي تمارسه جماعات مسلحة هو أمر لا يُغتفر ولا يمكن قبوله، وينبغي أن يُقدم مرتكبوه إلى ساحة العدالة، ولكن من خلال محاكمات عادلة وليس من خلال التعذيب والاعتقال السري. ومن المحزن أن تزايد وحشية مثل هذه الحوادث في مختلف أنحاء العالم خلال العام المنصرم كان بمثابة دليل آخر مرير يؤكد أن "الحرب على الإرهاب" قد مُنيت بالفشل وأنها ستواصل الفشل ما لم تكن الأولوية لحقوق الإنسان وأمن البشر وليس للمصالح الضيقة للأمن القومي".
واستدركت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية قائلة: "ومع ذلك، فقد ظهرت خلال عام 2005 دلائل واضحة على الأمل بالرغم من اليأس".
فقد شهد العام الماضي واحدة من أكبر الحركات الرامية إلى حشد قوى المجتمع المدني في الحرب ضد الفقر، والنضال من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وقد أظهرت قمة الأمم المتحدة، التي بحثت مدى التقدم في تحقيق "أهداف الألفية للتنمية"، تقاعس الحكومات بشكل مؤسف عن أن تجعل أفعالها متماشيةً مع وعودها. فعلى سبيل المثال، تشدقت الحكومات بضمان الحقوق الإنسانية للمرأة، ولكنها تقاعست عن تحقيق الأهداف العالمية المتمثلة في ضمان المساواة بين الفتيات والفتيان في الحصول على التعليم.
وفي غضون عام 2005، حققت الدعوة إلى إقرار العدالة مكسباً آخر، عندما أصدرت "المحكمة الجنائية الدولية" أولى لوائح الاتهام المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في أوغندا. كما اهتزت الحصانة التي كان يتمتع بها رؤساء الدول السابقون في أمريكا اللاتينية، إذ وُضع أوغستو بينوشيه رهن الإقامة الجبرية في منزله، ونُفذ أمر دولي بالقبض على ألبرتو فوخيموري.
ومن ناحية أخرى، بدأت بعض الحكومات القوية تخضع للمحاسبة أمام المحاكم والمؤسسات العامة في بلدانها. فقد رفضت أعلى محكمة في المملكة المتحدة خطة الحكومة لاستخدام الأدلة المنتزعة تحت وطأة التعذيب. كما شرع مجلس أوروبا والبرلمان الأوروبي في إجراء تحقيقات بخصوص ضلوع دول أوروبية في عمليات "النقل الاستثنائي" التي تقودها الولايات المتحدة، وهي نقل سجناء دون وجه حق إلى بلدان يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو غيره من الانتهاكات.
وشيئاً فشيئاً تكشفت أدلة جديدة على أن بعض الحكومات الأوروبية كانت شريكة في الجريمة مع الولايات المتحدة، بإهدارها للحظر المطلق على التعذيب وسوء المعاملة، وإقدامها على توسيع نطاق التعذيب من خلال نقل سجناء إلى دول، مثل مصر والأردن والمغرب والسعودية وسوريا، وهي دول معروفة بممارسة التعذيب.
ومضت أيرين خان قائلة: "من المؤسف أن بعض الحكومات تحاول أن تجد سبلاً جديدة للتملص من التزاماتها، وذلك بدلاً من أن تقبل وترحب بالجهود التي بذلتها بعض المحاكم والمجالس التشريعية من أجل ترسيخ الاحترام للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان".
فقد واصلت المملكة المتحدة سياسة "التأكيدات الدبلوماسية"، وهي مجرد "ضمانات على الورق"، مقابل السماح بإعادة أشخاص إلى بلدان قد يتعرضون فيها للتعذيب.
وفي الولايات المتحدة، صدر تشريع يؤكد مجدداً حظر التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة، وذلك بالرغم من معارضة الرئيس بوش، إلا إن التشريع نفسه فرض قيوداً مشددة على حق معتقلي غوانتانامو في أن يطلبوا من المحاكم الفيدرالية النظر في معاملتهم داخل المعتقل.
وقالت أيرين خان: "إذا كان من الواجب علينا إدانة الهجمات الإرهابية على المدنيين بأقوى ما يمكن من عبارات، فإن من الضروري أيضاً التصدي لما تدعيه بعض الحكومات من أن بالإمكان محاربة الإرهاب باستخدام التعذيب. فمثل هذه الادعاءات مضللة وخطيرة وخاطئة، إذ لا يمكن إخماد النار بصب الزيت عليها".
وأضافت أيرين خان تقول: "إن الأقوال والمعايير المزدوجة التي تنتهجها الحكومات القوية تمثل أمراً خطيراً، لأنها تضعف قدرة المجتمع الدولي على التصدي لمشاكل حقوق الإنسان، من قبيل المشاكل في دارفور والشيشان وكولومبيا وأفغانستان وإيران وأوزبكستان وكوريا الشمالية، وهي تجيز لمرتكبي الانتهاكات في هذه الدول وغيرها أن يقترفوا أعمالهم وهم بمنأى عن العقاب والمساءلة.
"وعندما تحجم حكومة المملكة المتحدة عن أن تنطق بكلمة بشأن الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة في معتقل غوانتانامو، وعندما تتغاضى الولايات المتحدة عن الحظر المطلق المفروض على التعذيب، وعندما تلزم الحكومات الأوروبية الصمت إزاء سجلها في عمليات نقل السجناء أو العنصرية أو اللاجئين، فإن هذه الحكومات جميعها تهدر سلطتها الأخلاقية في أن تتزعم قضايا حقوق الإنسان في أماكن أخرى من العالم.
"وإذا كانت الأمم المتحدة قد أمضت وقتاً كبيراً على مدار العام في مناقشة قضية إصلاح هيئاتها الأساسية والعضوية في هذه الهيئات، فقد تقاعست عن أن تولي اهتماماً لمسلك اثنتين من أبرز الدول الأعضاء، وهما الصين وروسيا، إذ دأبتا على السماح للمصالح السياسية والاقتصادية الضيقة بأن تطغى على الاعتبارات المتعلقة بحقوق الإنسان، على الصعيدين المحلي والدولي".
ومضت أيرين خان قائلةً: "إن الدول التي تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن ضمان الأمن العالمي داخل مجلس الأمن قد أثبتت خلال عام 2005 أنها الأكثر استعداداً لشل المجلس ومنعه من اتخاذ إجراءات فعالة بخصوص حقوق الإنسان.
وهكذا، فإن الحكومات القوية تتلاعب بحقوق الإنسان على نحو خطير، ويُعد استمرار النزاعات التي طال أمدها، وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان، دليلاً صارخاً لا يمكن لعين أن تخطئه".
وفي الوقت نفسه، فقد شهد عام 2005 بوادر تغير في المزاج العام، وهو ما عقبت عليه أيرين خان بقولها: "ينبغي الاستعانة بقوى الضغط الناشئة على نحو فعال من أجل تحويل اللامبالاة على المستوى الدولي إلى عمل ملموس".
وتتمثل المطالب الأساسية لمنظمة العفو الدولية خلال عام 2006 فيما يلي:
· مطالبة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بالتصدي للنزاع الدائر في دارفور ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان هناك؛مطالبة الأمم المتحدة بالبدء في إجراء مناقشات بشأن وضع معاهدة دولية لتجارة الأسلحة تحكم عمليات بيع الأسلحة الصغيرة، بما يكفل ألا تُستخدم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان؛مطالبة الإدارة الأمريكية بإغلاق معتقل خليج غوانتانامو، والإفصاح عن أسماء وأماكن جميع من اعتُقلوا في سياق "الحرب على الإرهاب" في أماكن أخرى؛مطالبة مجلس حقوق الإنسان، الذي أُنشئ حديثاً في إطار الأمم المتحدة، بأن يصر على أن تتبنى جميع الحكومات معايير متكافئة لاحترام حقوق الإنسان، سواء في دارفور، أو غوانتانامو، أو الشيشان، أو الصين.واختتمت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية حديثها قائلةً: "إن الحكم على السلطة السياسية والأخلاقية للحكومات سوف يستند بشكل متزايد إلى مواقف تلك الحكومات إزاء حقوق الإنسان داخل حدودها وخارجها. فقد أصبح العالم، أكثر من أي وقت مضى، يتطلب من الدول القوية ذات النفوذ على المستوى الدولي، وهي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وتلك التي تتطلع إلى الحصول على هذه العضوية، أن تتصرف بمسؤولية وباحترام لحقوق الإنسان. وينبغي على حكومات العالم أن تكف عن التلاعب بحقوق الإنسان

تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2006
شهد عام 2005 مواجهات ناجحة مع بعض من أقوى الحكومات في العالم. فقد كشفت وسائل الإعلام ما تتسم به من رياء، وفنَّدت المحاكم ما تتذرع به من حجج، وقاوم نشطاء حقوق الإنسان ما تنتهجه من أساليب قمعية. وبعد خمس سنوات من الانتكاسات التي عانتها حقوق الإنسان في سياق "الحرب على الإرهاب"، بدا أن رياح التغيير قد أقبلت في الأفق. ومع ذلك، فقد تعرضت أرواح الملايين في شتى أرجاء العالم للخطر من جراء إنكار الحقوق الأساسية، كما كان أمن البشر عرضةً لتهديدات جمَّة بسبب الحروب والهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة، فضلاً عن الجوع والأمراض والكوارث الطبيعية، بينما كُبلت الحريات تحت وطأة القمع والتمييز والإقصاء الاجتماعي.ويوثق تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2006 انتهاكات حقوق الإنسان في 150 بلداً وإقليماً في مختلف أنحاء العالم، ويسلط الضوء على الحاجة الماسة لأن تبادر الحكومات وأطراف المجتمع الدولي والجماعات المسلحة وغيرها من القوى في مواقع السلطة أو النفوذ بتحمل مسؤولياتها. كما يبين التقرير مدى الحيوية التي تتصف بها حركة حقوق الإنسان في العالم، وهو الأمر الذي يتجلى في المبادرات المحلية أو في مؤتمرات القمة العالمية أو في المظاهرات الحاشدة.وبالرغم من الغضب على استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، فإن أعضاء منظمة العفو الدولية وأنصارها في جميع أنحاء العالم يتمسكون بأهداب الأمل ويواصلون نضالهم من أجل الحرية والعدالة لجميع البشر

نظرة عامة على الوضع العالمي
نظرة عامة على الوضع العالمي البحث عن أمن البشرتغطية الأحداث التي وقعت خلال الفترة من يناير إلى ديسمبر 2005
التعذيب والإرهاب : الصراع وما يعقبه : دافع الخوف: من وراء المعاناة بسبب الهوية : فقراء ومنبوذون وبعيدون عن الأنظار : الخاتمة
نظرة عامة على الوضع العالميوصلات ذات الصلة
شهد عام 2005 بعض التحديات الكبرى للحكومات، تمثلت في الصراعات الضارية، والاعتداءات الإرهابية، والانتشار السريع لوباء نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) والفيروس المسبب له، واستمرار انتشار الفقر والكوارث الطبيعية على نطاق واسع.وكان ينبغي مواجهة هذه التحديات بأساليب تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان، ولكن ذلك لم يحدث في أكثر الأحيان، إذ واصلت الحكومات، فرادى وجماعات، اتباع سياسات كثيراً ما أدت إلى التضحية بحقوق الإنسان لأسباب سياسية أو اقتصادية.وفي الوقت نفسه، أظهر ملايين البشر في شتى أرجاء العالم مؤازرتهم لمطلب زيادة المساءلة والشفافية والإقرار بمسؤوليتنا المشتركة عن التصدي لهذه التهديدات بصورة جماعية. فمن الجموع الغفيرة التي التفت حول شعار "طي صفحة الفقر إلى الأبد"، إلى تصدي المحامين والنشطاء لحكومات دول قوية في قضايا تُعتبر فتحاً جديداً، كانت قوى المجتمع المدني تضغط على الحكومات للوفاء بمسؤولياتها.وشهد العام المنصرم تفهماً متنامياً للحقيقة المتمثلة في أن احترام سيادة القانون أمر جوهري لأمن البشر، وأن تقويض مبادئ حقوق الإنسان في "الحرب ضد الإرهاب" لا يمكن أن يكون السبيل إلى الأمن. وبالمثل، تزايد الإدراك بأن عدم احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعدم حمايتها وتلبيتها يُعتبر ظلماً فادحاً وحرماناً من التنمية البشرية. والواقع أن جهود الناس العاديين، سواء في التصدي للحاجات العاجلة للمتضررين من الكوارث الطبيعية أو في التصدي لمحنة الأفراد من ضحايا القمع الحكومي، كثيراً ما كانت تُخجل الحكومات وتدفعها إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة.ويقتضي أمن البشر أن يَسْلَم الأفراد وتَسْلَم المجتمعات ليس فقط من الحروب ومذابح الإبادة الجماعية والهجمات الإرهابية، بل أيضاً من الجوع والمرض والكوارث الطبيعية. وعلى مدار عام 2005، واصل النشطاء نضالهم من أجل مساءلة منتهكي حقوق الإنسان ذوي السمعة السيئة، ومساءلة الشركات المتعددة الجنسيات ذات الجبروت، وكذلك من أجل وضع حد للعنصرية والتمييز والنبذ الاجتماعي.وكان عدد كبير من انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في عام 2005 من تلك التي تتجاوز الحدود الوطنية، من التعذيب و"تسليم" الأشخاص إلى الآثار السلبية لسياسيات التجارة وسياسات المعونة. وإذا كانت الحدود قد تعرضت للإزالة في بعض جوانب العلاقات الدولية، وخاصةً في مجال المعاملات الاقتصادية، فقد استمرت إقامتها في مجالات أخرى، ولاسيما مجال الهجرة.ولا شك في أن ثمة إدراكاً متنامياً لضرورة وضع حلول عالمية للأخطار العالمية، من الإرهاب إلى أنفلونزا الطيور. كما كانت هناك حالات كثيرة تذكِّر بضرورة إصلاح الأمم المتحدة، من بينها استمرار عجز مجلس الأمن عن مساءلة الدول المخطئة؛ وافتضاح أمر الفساد بين عدد من كبار موظفي الأمم المتحدة المسؤولين عن تنفيذ "برنامج النفط مقابل الغذاء"؛ والصمت الذي صاحب العجز عن تحقيق أول أهداف الألفية للتنمية، والتي وضعتها الأمم المتحدة؛ وعجز المؤسسات المالية الدولية عن التصدي لعدم المساواة في مجالات التجارة والمعونة والديون. وقد اقترحت قيادة الأمم المتحدة نفسها عدداً من المبادرات البعيدة الأثر، ولكن النتائج المحدودة لمؤتمر القمة العالمي، الذي عقدته الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، كشفت عن ترجيح المصلحة الوطنية الذاتية الضيِّقة على الآمال الجماعية.ومع ذلك، فقد تحقق بعض التقدم، ولاسيما في مجال تدعيم نظام العدالة الدولية الناشئ، المتمثل في "المحكمة الجنائية الدولية"، والمحاكم الدولية المخصصة، وزيادة تطبيق الولاية القضائية العالمية. وبعد سنوات من الدعوة إلى تخصيص موارد إضافية لمكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زادت ميزانيته زيادة ملحوظة. وكان موضوع إحلال مجلس لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة محل لجنة حقوق الإنسان، التي ساءت سمعتها كثيراً، لا يزال قيد المناقشة. وكان من شأن هذه الخطوات، وخاصة ازدياد قوة وتنوع العاملين في سبيل حقوق الإنسان على مستوى العالم، أن تشجع منظمة العفو الدولية على تجديد التزامها بإضفاء الطابع العالمي على العدالة باعتباره وسيلة لتلبية حقوق الجميع سعياً إلى إرساء أمن البشر.التعذيب والإرهاباستمر التحدي الذي واجهته حركة حقوق الإنسان في أعقاب الاعتداءات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول 2001 . فقد واصلت بعض الحكومات ترويج الزعم بأن حقوق الإنسان تمثل عقبة في طريق أمن البشر ولا تمثل شرطاً مسبقاً له. ومع ذلك، فبفضل جهود دعاة حقوق الإنسان وغيرهم، تنامي الانتقاد وازدادت مقاومة جهود الحكومات لإيلاء حقوق الإنسان مرتبة ثانوية بالقياس إلى المسائل الأمنية.وعلى الرغم من الموارد والجهود الحكومية الملتزمة بالقضاء على الإرهاب، فقد شهد العام زيادة عد الهجمات التي شنها أفراد وجماعات مسلحة لأسباب شتى في بلدان كثيرة.وقد وقعت اعتداءات متعمدة على المدنيين، تنتهك أولى المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم. ففي الهند، على سبيل المثال، وقعت سلسلة تفجيرات بالقنابل في دلهي، أثناء الاستعداد لموسم الاحتفالات السنوي، في أكتوبر/تشرين الأول، مما أسفر عن مصرع 66 شخصاً وإصابة ما يزيد على 220 بجراح. وفي العراق تعرض، المئات للقتل أو الإصابة على أيدي الجماعات المسلحة على مدار العام. وفي الأردن، انفجرت ثلاث قنابل في بعض الفنادق في العاصمة عمان، أسفرت عن مقتل 60 شخصاً، في نوفمبر/تشرين الثاني. وفي المملكة المتحدة، وقعت تفجيرات بالقنابل في خطوط المواصلات العامة في لندن، في يوليو/تموز، فأدت إلى مقتل 52 شخصاً وإصابة المئات بجراح.وكانت بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لمكافحة الإرهاب تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان. بل إن بعض الحكومات حاولت تقنين أو تبرير الأساليب المخالفة التي طالما اعتبرها المجتمع الدولي غير مشروعة ومن المحال تبريرها على الإطلاق.واستمر احتجاز الآلاف من المشتبه في علاقتهم بالإرهاب، في معتقلات تديرها الولايات المتحدة في شتى أنحاء العالم، دون أدنى أمل في توجيه التهمة إليهم أو محاكمتهم محاكمة عادلة. وبنهاية عام 2005، كان نحو 14 ألف شخص، ممن احتجزتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها في غضون عمليات عسكرية وأمنية في العراق وفي أفغانستان، لا يزالون محتجزين في المعتقلات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، وخليج غوانتنامو في كوبا، وفي العراق. وقد أضرب عشرات المعتقلين في غوانتنامو عن الطعام احتجاجاً على ظروف اعتقالهم، ولجأت السلطات إلى إطعامهم بالقوة.كما تعرض المشتبه في علاقتهم بالإرهاب للاعتقال في بلدان أخرى أيضاً، وظل بعضهم رهن الاحتجاز فترات طويلة دون تهمة أو محاكمة، ومنها الأردن ومصر والمملكة المتحدة واليمن. وكان آخرون يرزحون في السجون ويواجهون خطر الترحيل إلى بلدان يُمارس فيها التعذيب بصورة مألوفة، وتعرض كثيرون من المعتقلين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.وفي غضون عام 2005، ظهر بصورة جلية مدى تواطؤ أو مشاركة بلدان كثيرة في دعم سياسات وممارسات الولايات المتحدة، التي تنطوي على انتهاك حقوق الإنسان، في سياق "الحرب على الإرهاب"، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة والاحتجاز سراً لفترات غير محدودة، وترحيل الأشخاص عبر الحدود الوطنية. وواجهت حكومات كثيرة مطالبتها مراراً بزيادة المساءلة، وصدرت قرارات قضائية رئيسية دفاعاً عن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، بل وظهرت دلائل التوتر داخل حكومة الولايات المتحدة نفسها بشأن الحد من الحريات الأساسية.واستمر في عام 2005 ظهور المعلومات التي ساعدت في فضح بعض الممارسات السرية التي تنطوي على انتهاك حقوق الإنسان، مما انتهجته بعض الدول تحت ستار محاربة الإرهاب. فعلى سبيل المثال، ظهر مزيد من المعلومات عن الترحيل غير المشروع لمن يُشتبه في علاقتهم بالإرهاب من بلد إلى آخر دون اتخاذ أي إجراء قانوني، وهو المعروف في الولايات المتحدة بمصطلح "حالات "الترحيل الاستثنائية". واتضح أن الولايات المتحدة قامت، من خلال ذلك، بنقل كثير من المحتجزين إلى بلدان عُرف عنها استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء التحقيق، ومن بينها الأردن وسوريا ومصر والمغرب والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة واليمن. وكان من شأن هذه العمليات نقل ممارسة التعذيب في الواقع إلى بلدان أخرى.ويتبدى المعنى الحقيقي لأسلوب الترحيل هذا في ما حدث في عام 2005 لشخص يُدعى محمد الأسد، وهو مواطن يمني يقيم في تنزانيا. إذ قُبض عليه في 26 ديسمبر/كانون الأول 2003، في منزله في مدينة دار السلام، وعُصبت عيناه، وكُبلت يداه، ونُقل عن طريق الجو إلى مكان مجهول. وكان ذلك بداية محنة استمرت 16 شهراً، تعرض فيها للاعتقال والتحقيق معه سراً، ومُنع من الاتصال بالعالم الخارجي أو معرفة مكان وجوده.وقد ظل محتجزاً عاماً كاملاً في معتقل سري تعرض فيه للحرمان الشديد من التمتع بحواسه، فلم ينطقْ حُرَّاسُه الملثمون بكلمة واحدة يخاطبونه بها، بل كانوا يصدرون تعليماتهم إليه بلغة الإشارة. وكان يسمع على الدوام همهمةً خفيضة لأصوات رجال ذوي بشرة بيضاء، وكان الضوء الأبيض مضاءً حوله على مدار 24 ساعة يومياً. وقال المسؤولون التنزانيون لوالد محمد الأسد إن ابنه قد نُقل إلى حجز أمريكي، وإن أحداً لا يعرف أين يوجد. ولم تتلق أسرته أية أنباء عنه حتى نُقل جوَّاً إلى اليمن، في مايو/أيار 2005، حيث زُجَّ به في السجن، بناءً على طلب السلطات الأمريكية. وكان محمد الأسد لا يزال مسجوناً في اليمن دون تهمة أو محاكمة بحلول نهاية عام 2005 .وكانت الشهادات الأخرى التي أدلى بها المعتقلون المفرج عنهم، والتي جمعتها منظمة العفو الدولية في عام 2005، تشبه التجربة التي خاضها ووصفها محمد الأسد بصورة مفزعة. فقد قامت الولايات المتحدة بنقل رجلين يمنيين آخرين إلى اليمن، في مايو/أيار 2005 ، حيث ظلاً في الحجز دون تهمة أو محاكمة بحلول نهاية العام. ووصف الثلاثة في مقابلات شخصية منفصلة مع منظمة العفو الدولية، جرت في يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2005، كيف ظلوا قيد الحبس الانفرادي فترات تتراوح بين 16 و18 شهراً في معتقلات سرية يديرها مسؤولون أمريكيون. وقد جاءت المقابلات التي أجرتها منظمة العفو الدولية بأدلة قوية جديدة على وجود الشبكة الأمريكية للمعتقلات السرية في شتى أرجاء العالم.وفي ديسمبر/كانون الأول 2005، وبعد أن قال وزير الخارجية البريطاني إنه لا علم له بلجوء الطائرات التي تحمل الأشخاص المنقولين إلى التزود بالوقود في المملكة المتحدة أو استخدام أية مرافق أخرى فيها منذ أوائل عام 2001، نشرت منظمة العفو الدولية تفاصيل إعادة تموين ثلاث رحلات جوية بالوقود في المملكة المتحدة بعد ساعات من نقل المعتقلين إلى بلدان يتعرضون فيها لخطر "الاختفاء" أو التعذيب أو غيره من صور المعاملة السيئة. وتزايد خلال عام 2005 الكشف عن معلومات أخرى، بفضل الأدلة التي قدمها الضحايا بأنفسهم من جانب والتحريات الحكومية من جانب آخر، وهي معلومات تشير إلى احتمال مشاركة بلدان أوروبية أخرى في عمليات نقل سرية مماثلة. وأُجريت التحريات في ألمانيا وإيطاليا والسويد في الدور الذي اضطلع به المسؤولون الحكوميون في حالات نقل معينة، كما أجرت السلطات الإسبانية تحقيقاً في استخدام المطارات والمجال الجوي الإسباني من جانب الطائرات التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وفي أيسلندا وأيرلندا وهولندا، طالب بعض مسؤولي الحكومة أو النشطاء بإجراء تحقيقات رسمية.أما التحقيقات التي أجراها الصحفيون وأعضاء منظمة العفو الدولية وغيرهم في عام 2005 فتكاد تقطع بأن الحكومة الأمريكية تدير شبكة من السجون الخفية، المعروفة باسم "المواقع السوداء". فقد تواترت الأنباء بأن "وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية" قد أدارت معتقلات سرية مماثلة في الأردن وأفغانستان وأوزبكستان وباكستان وتايلاند والعراق، وغيرها من الأماكن المجهولة في أوروبا ومناطق أخرى، بما في ذلك موقع في دييغو غارثيا التابعة لبريطانيا في المحيط الهندي. وقد "اختفى" نحو 30 شخصاً ممن يُعتبرون ذوي قيمة "استخبارية" عالية، وذلك أثناء احتجازهم لدى الولايات المتحدة، وزُعم أنهم معتقلون في بعض "المواقع السوداء" ومن ثم فهم محرمون تماماً من التمتع بحماية القانون.وفي نوفمبر/تشرين الثاني، شرع مجلس أوروبا في إجراء تحقيق في الأنباء التي تقول إن هناك مواقع في أوروبا شاركت في الشبكة الأمريكية للسجون السرية وفي عمليات نقل الأشخاص. وأعربت منظمة العفو الدولية عن مؤازرتها الشديدة لمطالبة الحكومات الأوروبية بالتحقيق في أمثال هذه المزاعم من جانب مسؤولي مجلس أوروبا، وقد صرح أحدهم قائلاً "إن الجهل ليس مقبولاً، سواء أكان مقصوداً أو عارضاً".وقد شاركت منظمة العفو الدولية في تنظيم مؤتمر في لندن مع منظمة غير حكومية تدعي "التمهل"، ومقرها في المملكة المتحدة، في نوفمبر/تشرين الثاني، وأدلى فيه بعض المعتقلين السابقين وأسر المعتقلين المحتجزين في غوانتنامو أو في معتقلات داخل المملكة المتحدة بشهاداتهم عن المعاناة الإنسانية الناجمة عن الاعتقال دون تهمة أو محاكمة. فقد تحدثت ناديا ديزداريفيتش، زوجة بوديلا هادز وهو من مواطني البوسنة والهرسك وما زال محتجزاً في غوانتنامو منذ أربع سنوات، عن العذاب النفسي الذي تعانيه أُسر المعتقلين قائلة:"يصعب عليَّ القيام بواجب الأم نحو أطفالي لأنني لا أجد من الوقت ما يكفي لهم، وليس لهم في الدنيا سواي... فعندما يأتي الليل وأضع أولادي في الفراش ليناموا أبدأ عملي، وبينما ينام العالم كله في سلام أعمل أنا دون كلل في كتابة الشكاوى والطلبات والرسائل وفي تعلم القوانين ودراسة اتفاقيات حقوق الإنسان حتى أواصل نضالي في سبيل الحياة والإفراج عن زوجي والآخرين".وعلى مر السنين، كانت الحكومات تطلب "تأكيدات دبلوماسية" من البلدان التي عُرف عنها استخدام التعذيب حتى تسمح لها بترحيل الأشخاص إليها. وفي عام 2005، سعت حكومة المملكة المتحدة إلى الاعتماد على التأكيدات الدبلوماسية وعقدت مذكرات تفاهم مع الأردن ولبنان وليبيا، وكانت تسعى إلى اتخاذ ترتيبات مماثلة مع الجزائر ومصر ودول أخرى في المنطقة. وقد عارضت منظمة العفو الدولية استعمال هذه "التأكيدات الدبلوماسية" لأنها تنتقص من الحظر المطلق للتعذيب وهي في جوهرها غير موثوق بها ولا يمكن تنفيذها بالقوة.ولا شك أن هذه الأدلة على مشاركة حكومات كثيرة في عمليات نقل التعذيب إلى بلدان أخرى أو تواطؤها أو تغاضيها عنها تؤكد ضرورة زيادة المحاسبة على المستوى العالمي في عالم أصبحت فيه مسؤوليات حقوق الإنسان لا تتوقف عند حدود دولة من الدول.ونقل التعذيب إلى بلدان أخرى يعني أن الولايات المتحدة وبعض حليفاتها الأوروبية، وهي الدول التي استمرت على مدار عقود طويلة تدين التعذيب دون تحفظات في كل الأوقات وفي كل الظروف، قد أقدمت علناً على تحدي الحظر المطلق للتعذيب، والمعنى المضمر في هذا هو أنها تعتقد أنه يمكن تبرير بعض التعذيب وسوء المعاملة في إطار "الحرب على الإرهاب".وقد واصلت الإدارة الأمريكية محاولاتها لإعادة تعريف وتبرير أشكال معينة من التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة تحت ستار "الأمن القومي" والنظام العام. وقد سُئل المدعي العام الأمريكي ألبرتو غونزاليز عن موقف حكومة الولايات المتحدة من معاملة السجناء فأوضح أن حكومته سوف تضع التعريف الخاص بها للتعذيب. وعلى الرغم من إنكار القيادة الأمريكية أن الحكومة توافق على التعذيب، فقد برزت أدلة على أن "وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية" كانت تستخدم أساليب مثل "الغمر بالماء" (أي الإغراق الوهمي) أو الوضع في الأصفاد فترات طويلة أو التبريد الشديد مع السجناء في المعتقلات السرية. ويبدو أن بعض الأشخاص داخل الإدارة الأمريكية كانوا لا يزالون يعتقدون أن أشكالاً معينة من التعذيب وسوء المعاملة مقبولة إذا استخدمت في جمع المعلومات الاستخبارية اللازمة لمكافحة الإرهاب. ومع ذلك، فإن ازدياد المعارضة لهذه السياسات داخل الولايات المتحدة، حيث أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي في آخر العام قانوناً يؤكد حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وبين حلفاء الولايات المتحدة في "الحرب ضد الإرهاب"، يُحيي الأمل في اتخاذ موقف أكثر مراعاة للمبادئ تجاه حقوق الإنسان والأمن في المستقبل.ولم تكن انتهاكات حقوق الإنسان في إطار سياسات مكافحة الإرهاب مقصورة على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. ففي أوزبكستان، زعمت السلطات أن المشاركين في المظاهرة التي وقعت في بلدة أنديجان، والتي قتل فيها بعض المتظاهرين السلميين، كانوا مدفوعين لفعل ذلك من "الإرهابيين". وفيما بعد، أُدين أكثر من 70 شخصاً بارتكاب جرائم "إرهابية" في أعقاب محاكمات جائرة، وحُكم عليهم بالسجن مدداً طويلة بزعم مشاركتهم في مظاهرة الاحتجاج.وفي الصين، واصلت السلطات التذرع بحجة "الحرب على الإرهاب" في العالم لتبرير إجراءات القمع الصارمة في منطقة شينجيانغ أوغور ذات الحكم الذاتي، والتي أدت إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد أبناء طائفة "الأوغور". وإذا كانت الحملة الأخيرة "للضرب بشدة" على أيدي المجرمين قد هدأت في معظم مناطق البلاد، فإنها تجددت رسمياً في منطقة شينجيانغ أوغور، في مايو/أيار 2005، بهدف القضاء على "الإرهاب، والنزعات الانفصالية والتطرف الديني"، وأسفرت عن إغلاق عدد من المساجد غير المرخص بها واعتقال أئمتها. واستمر اعتقال أو سجن دعاة النزعة القومية من أبناء طائفة "الأوغور"، بما في ذلك النشطاء السلميون. وكان الذين وُجهت إليهم تهم "انفصالية" أو "إرهابية" خطيرة يواجهون خطر السجن مدداً طويلة أو الحكم بإعدامهم، وأما الذين يحاولون نقل معلومات إلى خارج البلاد بشأن نطاق القمع فكانوا يواجهون الاعتقالات التعسفي والسجن. وواصلت السلطات اتهام النشطاء من أبناء "الأوغور" بممارسة الإرهاب دون تقديم أدلة مُقْنعة على صدق هذه الاتهامات.وفي سنغافورة وماليزيا، حيث تسمح تشريعات الأمن القومي باحتجاز المشتبه في علاقتهم بالإرهاب مدداً طويلة دون محاكمة، ظل العشرات محتجزين بموجب قوانين الأمن الداخلي دون تهمة أو محاكمة.وفي كينيا وبعض البلدان الإفريقية الأخرى، كانت مقولات مكافحة الإرهاب تُستخدم في تبرير القوانين القمعية، التي تهدف إلى إسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان وإعاقة عملهم.وفي عام 2005، أدى افتضاح الممارسات غير المشروعة التي تلجأ إليها الحكومات باسم مكافحة الإرهاب إلى حشد وتأكيد المطالب المتنامية بالمساءلة، كما ساعد على ما يبديه دعاة حقوق الإنسان والمحامون والصحفيون وكثيرون غيرهم من عزم وتصميم في العمل في سبيلها على رفع غطاء السرية والكشف عن أن الدول تقوم بنقل واعتقال وتعذيب الذين تشتبه في علاقتهم بالإرهاب.وشهد عام 2005 أيضاً بعض النجاحات في كفاح قوى المجتمع المدني لوقف اتجاه الحكومات إلى التذرع بدواعي الأمن لاستخدام المعلومات المنتزعة من خلال التعذيب. فقد انتهى العام بانتصار قضائي عندما خسرت حكومة المملكة المتحدة معركتها القانونية في المحاكم المحلية لإلغاء الحظر المفروض منذ قرون على قبول المحاكم في الإجراءات القضائية لمعلومات منتزعة عن طريق التعذيب. وكانت منظمة العفو الدولية قد تدخلت في القضية، ودفعت بأن الحظر المطلق للتعذيب وسوء المعاملة في القانون الدولي يحول دون مثل هذه القبول.وأدت محاولات الحكومات لإضعاف شوكة الحظر المفروض على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة إلى الإضرار بالنزاهة الأخلاقية والفاعلية العملية للجهود المبذولة للقضاء على الإرهاب، وقد أظهر عام 2005 الضرورة القصوى لمساءلة الحكومات عن سيادة القانون، وأكدت من جديد أن القضاء المستقل النزيه يضطلع بدور حيوي في الحيلولة دون تقليص الضمانات الأساسية وكفالة احترام حقوق الإنسان.الصراع وما يعقبهاستمر انخفاض عدد الصراعات المسلحة في شتى أنحاء العالم، ولكن المحصلة العامة للمعاناة البشرية لم تنخفض. وكان العنف المستمر يتغذى بوجبات منتظمة من الأحقاد التي ما زالت قائمة، والتي نشأت من سنوات الصراع المدمر وعدم محاسبة مرتكبي الانتهاكات. وتكفل استمرار هذا العنف سهولة الحصول على الأسلحة؛ وتهميش وفقر مجموعات كاملة من السكان؛، والفساد المنتظم والمنتشر؛ وعدم التصدي لإفلات مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني من العقاب.وقد تعرض الملايين للعنف والمشقة في الصراعات التي تسببت في نشوبها أو إطالة أمدها حالات التقاعس الجماعي للزعماء السياسيين والجماعات المسلحة، وإلى حد ما المجتمع الدولي. فكان الملايين يكابدون المزيد من انعدام الأمن والجوع والتشرد في أعقاب الصراعات، دون أن يقدم المجتمع الدولي الدعم اللازم لهم لإعادة بناء حياتهم.كما أن تقاعس الحكومات والجماعات المسلحة عن السعي لإيجاد الحلول السلمية اللازمة لوضع حد للصراع، والالتزام بالتسوية من خلال المفاوضات، قد أضر أضراراً بالغة بالحقوق الإنسانية للناس العاديين. وقد سعت بعض الحكومات للانتفاع بالصراعات المؤثرة في بلدان أخرى، فقدمت السلاح لطرف دون الآخر، وهي تتبرأ من المسؤولية عن ذلك. وعندما تمكن المجتمع الدولي من حشد التأييد اللازم للضغط على الفصائل المتحاربة، سواء من خلال مجلس الأمن الدولي أو من خلال الهيئات الإقليمية، كانت الأطراف تتقاعس في كثير من الأحيان عن الوفاء بالتزاماتها، على نحو ما حدث في السودان وساحل العاج.وفي سعيها لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية، كانت القوات الحكومية والجماعات المسلحة، في كثير من الأحيان، تبدي تجاهلاً تاماً للسكان المدنيين الذين يتصادف وجودهم في طريقها؛ بل وكانت تعمد إلى استهداف المدنيين في إطار استراتيجيتها الحربية. وكانت الغالبية العظمى من ضحايا الصراعات المسلحة في عام 2005 من المدنيين، وتعرضت النساء والفتيات للعنف الذي يصاحب أي حرب، كما تعرضن بصفة خاصة للإيذاء، وخصوصاً الإيذاء الجنسي. ففي بابوا غينيا الجديدة، أفادت الأنباء أن أقارب الفتيات كانوا يقدموهن في مقابل البنادق. وفي جمهورية الكونغو الديموقراطية، اختطف مقاتلون مسلحون أعداداً كبيرة من النساء واغتصابهن، كما كان الأطفال يُجندون للقتال في ما يقرب من ثلاثة أرباع الصراعات التي وقعت في شتى أنحاء العالم.وانصب اهتمام العالم إلى حد كبير على العراق والسودان وإسرائيل والأراضي المحتلة، بينما تجاهل العالم إلى حد كبير أو تناسي الصراعات الطويلة الأمد في أفغانستان، والشيشان في روسيا الاتحادية، ونيبال، وشمال أوغندا، وغير ذلك من مناطق العالم.وفي العراق، تقاعست القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، والجماعات المسلحة، والحكومة الانتقالية جميعها عن احترام حقوق المدنيين. فقد شنَّت الجماعات المسلحة عمداً هجمات على المدنيين وتسببت في خسائر كبيرة في الأرواح، كما استهدفت المنظمات الإنسانية وعذبت أو قتلت عدداً من الرهائن. وكان مقتل اثنين من المحامين في محاكمة صدام حسين من دلائل الانعدام المزمن للأمن في البلاد، وهو الأمر الذي أدى إلى تقليص جذري لقدرة كثير من النساء والفتيات العراقيات على ممارسة حياتهم اليومية في أمان، كما تعرض عدد من السياسيات، والناشطات والصحفيات، من العراقيات وغير العراقيات للاختطاف أو القتل. وتكاثرت الأدلة في عام 2005 على أن القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة ورجال الأمن الخصوصيين الأجانب قد ارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها قتل المدنيين العُزَّل وتعذيب السجناء. كما أدى التقاعس عن إجراء تحقيقات فعالة في هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين إلى تقويض المزاعم التي ترددها قوات الاحتلال والسلطات الانتقالية بأنها تعمل على إعادة سيادة القانون في البلد.وأدى إجلاء نحو ثمانية آلاف مستوطن إسرائيلي من قطاع غزة، في إطار ما يُسمى "خطة فك الارتباط"، إلى تحويل نظر العالم عن استمرار إسرائيل في توسيع المستوطنات الإسرائيلية وبناء جدار بطول 600 كيلومتر في الضفة الغربية المحتلة، حيث يقيم نحو 350 ألف مستوطن إسرائيلي، خلافاً لما يقضي به القانون الدولي. وكان وجود المستوطنات الإسرائيلية في شتى أرجاء الضفة الغربية هو السبب الرئيسي للقيود الصارمة، من قبيل نقاط التفتيش والحواجز، التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على تنقل نحو مليونين من الفلسطينيين بين القرى والمدن داخل الضفة الغربية المحتلة. كما أدت هذه القيود المفروضة على حرية التنقل إلى إصابة الاقتصاد الفلسطيني بالشلل، والحد من إمكانية وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم وأماكن عملهم وإلى المؤسسات التعليمية والصحية. ونجم عن ذلك إذ تزايد حدة الفقر والبطالة والشعور بالإحباط وانعدام المستقبل في عيون السكان، ومعظمهم من الشباب، وساهم هذا الوضع بدوره في تصاعد أعمال العنف ضد الإسرائيليين وداخل المجتمع الفلسطيني نفسه، بما في ذلك تزايد انعدام القانون في الشارع والعنف في محيط الأسرة. ومع ذلك فقد شهد العام المنصرم انخفاضاً بارزاً في عدد القتلى من الجانبين، حيث قُتل نحو 190 فلسطينياً، من بينهم نحو 50 طفلاً، على أيدي القوات الإسرائيلية، وقُتل 50 إسرائيلياً، بينهم ستة أطفال، على أيدي جماعات فلسطينية مسلحة، وذلك بالمقارنة بما يربو على 700 فلسطيني و109 إسرائيليين قُتلوا في عام 2004 .واستمرت الفظائع في إقليم دارفور بالسودان، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها المجتمع الدولي في عام 2005 للتوصل إلى حل سياسي يضع نهاية للعنف. فقد أقدمت قوات الحكومة السودانية والميليشيات المتحالفة معها (الجنجويد) على قتل أعداد من المدنيين أو إصابتهم في غارات بالقنابل وفي هجمات على القرى، فضلاً عن اغتصاب نساء وفتيات، وإرغام أبناء القرى على مغادرة أراضيهم. كما تصاعدت الانتهاكات على أيدي جماعات المعارضة المسلحة، وذلك بسبب انهيار هياكلها القيادية الناجم عن زيادة انقسام الفصائل والاقتتال بين الزعماء المتنافسين. وقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة، كما وصفت هيئات الأمم المتحدة، الانتهاكات المرتكبة في دارفور بأنها مذهلة في نطاقها ومؤلمة في طبيعتها، إذ شملت انتهاكات حقوق الإنسان المنتشرة والمنتظمة، وانتهاكات القانون الإنساني، وإرغام الملايين على النزوح، وظهور الجوع. وفي أوائل عام 2005، توصلت الأمم المتحدة إلى اتفاق سلمي عن طريق المفاوضات، وهو ما أحيا الأمل في "الظفر بالسلام"، كما نشر الاتحاد الإفريقي قوات هناك، ولكن صلاحياته في مجال حماية المدنيين كانت محدودة، كما زادت من إعاقتها الضآلة النسبية للجنود الذين نشرهم الاتحاد الإفريقي وافتقارها إلى الدعم من حيث الإمداد والنقل. ولم يستمر السلام، إذ اكتشفت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أن الحكومة وميليشيات "الجنجويد" كانت مسؤولة عن جرائم بموجب القانون الدولي، ومن ثم أحال مجلس الأمن قضية دارفور إلى "المحكمة الجنائية الدولية". وعلى الرغم من شروع المحكمة في إجراء التحقيقات، فقد انتهى عام 2005 دون أن يُسمح لها بدخول أراضي السودان.وقد ظهرت أنماط مماثلة لهذا في صراعات كثيرة أخرى لم تحظ بنفس الاهتمام الدولي في عام 2005، مثل استهداف المدنيين، والإيذاء الجنسي للنساء والفتيات على وجه الخصوص، واستخدام الأطفال كجنود، ونمط الإفلات من العقاب. وقد دارت رحى هذه الصراعات في المناطق الحضرية والريفية، وكانت تُستخدم فيها، بصفة عامة، الأسلحة الصغيرة والخفيفة. وكثيراً ما كانت جيوب العنف تتفجر دون أن يكون هناك وجود يُذكر للتسلسل القيادي أو المساءلة، بل إن بعض الحكومات كثيراً ما لجأت إلى تسليح المدنيين في محاولة لإبعاد نفسها عن المساءلة أو تحمل وزر الانتهاكات.ولا تزال الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان تُرتكب في كولومبيا بنفس المعدلات العالية من جانب جميع الأطراف بعد 30 عاماً من الصراع الداخلي المسلح. وقد صدر قانون ينص على نزع السلاح وتسريح أفراد الجماعات شبه العسكرية والجماعات المسلحة، وإن كان يُخشى أن يسمح هذا القانون بإفلات مرتكبي أخطر انتهاكات حقوق الإنسان من العقاب، مع استمرار ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق التي يُفترض أن الجماعات شبه العسكرية قد سرَّحت أفرادها فيها. كما إن السياسات الحكومية الرامية إلى إعادة دمج أفراد الجماعات المسلحة غير المشروعة في الحياة المدنية تنطوي على المخاطرة بإعادة انضمامهم إلى الصراع.وعلى الرغم من المزاعم عن عودة الأحوال في جمهورية الشيشان إلى مجاريها الطبيعية، فقد شنَّت قوات الأمن الروسية والشيشانية غارات ذات أهداف محددة في الشيشان، ارتُكبت فيها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وأفادت الأنباء أن الجنود الروس والشيشانيين ارتكبوا أعمال عنف ضد المرأة بوجه خاص، كان من بينها الاغتصاب أو التهديد بالاغتصاب. كما ارتكبت جماعات المعارضة المسلحة الشيشانية انتهاكات، من بينها اعتداءات متعمدة على المدنيين وهجمات عشوائية دون تمييز. وبالمثل، وقعت أعمال عنف وقلاقل في جمهوريات شمال القوقاز الأخرى، وكثيراً ما اقترنت بأنباء عن انتهاكات لحقوق الإنسان. وفي نيبال، تدهور وضع حقوق الإنسان تدهوراً شديداً في ظل حالة الطوارئ، التي فُرضت في فبراير/شباط 2005، حيث قُبض على آلاف الأشخاص لدوافع سياسية، وفُرضت رقابة صارمة على أجهزة الإعلام، فضلاً عن الفظائع على أيدي قوات الأمن والجماعات الماوية. وقد أوفدت منظمة العفو الدولية بعثة إلى نيبال عقب إعلان حالة الطوارئ مباشرة، ودعت بعدها حكومات المملكة المتحدة والهند والولايات المتحدة، وهي المصادر الرئيسية للأسلحة في نيبال، إلى الكف عن تزويد نيبال بجميع الإمدادات العسكرية حتى تتخذ الحكومة خطوات واضحة لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان. ووجهت دعوة مماثلة إلى بعض الحكومات الأخرى، ومن بينها ألمانيا وبلجيكا وجنوب إفريقيا وفرنسا (التي توفر المكونات الحساسة للطائرات المروحية التي تتولى الهند تجميعها وتقديمها إلى نيبال). وعلى الرغم من استجابة بعض الحكومات إلى هذه المناشدة بإيقاف الإمدادات العسكرية، واصلت الصين تقديم الأسلحة والذخيرة إلى نيبال.وأدى العجز عن التصدي لمظاهر الظلم الواضحة، والإفلات من العقاب، والسيطرة على انتشار الأسلحة، إلى استمرار العنف وانعدام الأمن في بلدان كثيرة تحاول الخروج من لُجَّة العنف، بل كثيراً ما تبدَّى الافتقار إلى الإرادة السياسية والصرامة اللازمة لضمان احترام الاتفاقات والتنفيذ الدقيق لها حتى في البلدان التي شهدت الاتفاق على اتخاذ خطوات على طريق السلام.وفي أفغانستان، استمرت ظواهر غياب القانون وانعدام الأمن وأعمال الاضطهاد، والتي يكابدها الملايين من الأفغانيين في حياتهم. فقد كان زعماء الفصائل، الذين يُشتبه في أن كثيرين منهم ارتكبوا جرائم جسيمة ضد حقوق الإنسان في السنوات السابقة، يمسكون بزمام السلطة العامة بعيداً عن سيطرة الحكومة المركزية. وأدى غياب سيادة القانون إلى حرمان الكثيرين من ضحايا حقوق الإنسان من الإنصاف، وكان جهاز العدالة الجنائية شبه عاجز عن العمل. كما سقط آلاف القتلى المدنيين في هجمات شنتها قوات الولايات المتحدة وحلفائها، والجماعات المسلحة.وشهدت ساحل العاج انهياراً فاجعاً في الاقتصاد أدى إلى نشوب صراع في البلد الذي كان يُعتبر إلى عهد قريب من أكثر البلدان استقراراً في غرب إفريقيا. وساهمت سهولة الحصول على الأسلحة في وقوع انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، وإلى الصراع بين الجماعات العرقية في غربي البلد، وإلى ظهور نزعة كراهية الأجانب، واستمرار استخدام الأطفال كجنود. وعلى الرغم من جهود الاتحاد الإفريقي لإعادة السلام والأمن إلى ربوع البلاد، فإن عملية نزع السلاح وتسريح المقاتلين وإعادة اندماجهم في المجتمع ظلت مجمدة. وفي أكتوبر/تشرين الأول، نشرت منظمة العفو الدولية على الملأ أنباء انتشار الأسلحة الصغيرة، وإعادة توزيعها، واحتمال عقد صفقات شحنات سلاح جديدة موجهة إلى طرفي في الصراع معاً، على الرغم من الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على توريد السلاح.وفي عديد من البلدان التي انتهى فيها الصراع، سادت تقاليد الإفلات من العقاب، أي عدم إحالة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة، مما أدى إلى استمرار دورات العنف. ففي سري لنكا، على سبيل المثال، تدهورت أوضاع الأمن في عام 2005 بسبب تقاعس الحكومة والمعارضة المسلحة عن إنجاح ضمانات حقوق الإنسان الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار. وقد تفاقمت حالات التوتر الناجمة عن ندرة الموارد بسبب النزوح الداخلي الناشئ من الصراع ومن موجة المد البحري (تسونامي).وقد يستمر الكفاح للتغلب على الإفلات من العقاب عقوداً طويلة بل وأجيالاً متعاقبة. فقد أصرت الناجيات من محنة الاسترقاق الجنسي العسكري في اليابان إبان الحرب العالمية الثانية، واللائي يُطلق عليهن اسم "نساء الترفيه"، على الإقرار بمحنتهن وإنصافهن لمدة زادت على نصف قرن، وإن كان عددهن يتضاءل على مر الزمن. ولكن الحكومة اليابانية رفضت من جديد في عام 2005 قبول المسؤولية عن ذلك، أو الاعتذار رسمياً، أو تقديم تعويض رسمي عن المعاناة التي كابدتها آلاف النساء.ومع ذلك، فقد كانت هناك بعض الجوانب الاستثنائية في تلك الصورة القائمة بوجه عام، منها إجراء الانتخابات في بعض البلدان التي انتهى فيها الصراع. فقد أدت زيادة الاستقرار في سيراليون إلى رحيل قوات الأمم المتحدة من البلاد. وأفرجت "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وساحل الذهب" (المعروفة اختصاراً باسم "جبهة البوليساريو")، التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، عن 404 عن أسرى الحرب المغاربة الذين ظلوا محتجزين ما يربو على عقدين، على الرغم من التوقف الرسمي للعمليات العسكرية منذ 14 سنة. وخطت جهود التغلب على الإفلات من العقاب خطوة أخرى حين لاح أمل تقديم قادة "جيش الرب للمقاومة"، المتهمين بارتكاب جرائم حرب في شمالي أوغندا، إلى "المحكمة الجنائية الدولية".دافع الخوف: من وراء المعاناة بسبب الهويةكان طمس الحدود الثقافية، والذي كثيراً ما يرتبط في الأذهان بالعولمة، أبعد ما يكون عن قهر الانقسامات العميقة القائمة على الهوية، بل لقد صاحبه استمرار نزعات العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب، بل وزيادة ذلك كله، في رأي البعض. فعلى امتداد العالم كله، تعرض أشخاص للعدوان وللحرمان من حقوقهم الإنسانية الأساسية، بسبب النوع، والجنس، والانتماء العرقي، والدين، والميل الجنسي، وغير ذلك من الجوانب المماثلة للهوية، أو بسبب مجموعات من هذه الهويات.وفي سياق "الحرب على الإرهاب"، شهد عام 2005 استمرار الاستقطاب على أسس الهوية في عالم يزداد فيع التعصب والخوف، وأصبح الكثيرون أهدافاً لسهام التمييز والعنف بسبب هويتهم. وكان المسلمون، ومن يُعرفون بأنهم مسلمون، وأفراد الأقليات الأخرى، والمهاجرون، واللاجئون، من بين الضحايا. وقال بعض أبناء الجاليات المسلمة في أوروبا وغيرها إنهم يشعرون بأنهم محاصرون: فهم يخافون تفجير القنابل ويكرهونه، ولكنهم يشعرون كذلك بازدياد العنصرية، وهو ما تتبناه إلى حد ما بعض الحكومات وأجهزة الإعلام التي تربط بشكل عام بين "الخطر الإرهابي" من جهة و"الأجانب" و"المسلمين" من جهة أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، يعاني الكثيرون من تدابير مكافحة الإرهاب التي تقوم على التمييز، في القانون وفي الواقع العملي، إذ استمر تصوير الشباب الذكور من المسلمين في صورة "النماذج الإرهابية".وفي سياق جهودها لتأكيد قدرتها على مقاومة التحديات الموجهة إلى سلطتها، عمدت النظم القمعية إلى استهداف الأقليات العرقية أو الدينية. وكان من أبرز الأمثلة الصارخة على ذلك معاملة الجماعات الكردية في سوريا وإيران، إذ ورد أن قرابة 21 شخصاً قد قُتلوا، وأُصيب العشرات، وقُبض على ما لا يقل عن 190 شخصاً في غضون الانقضاض الوحشي على القلاقل المدنية التي نشبت في المناطق الكردية في غربي إيران اعتباراً من يوليو/تموز، وكانت إجراءات القبض الجماعي والإفراط في استعمال القوة ضد المتظاهرين في المناطق الكردية بمثابة جانب من جوانب نمط الإيذاء الذي تتعرض له الأقليات العرقية في إيران، حيث يشكل الفُرس زهاء نصف سكان إيران، بينما يتكون النصف الباقي من جماعات عرقية أخرى، من بينها الأكراد والعرب والترك الآذريين.وفي سوريا أيضاً، استمر الأكراد يعانون من التمييز بسبب الهوية، وتمثل ذلك في القيود المفروضة على استعمال اللغة الكردية والثقافة الكردية، وما زال عشرات الآلاف من الأكراد السوريين بلا جنسية في الواقع، وقد حرموا بناءً على ذلك من التمتع الكامل بالتعليم والخدمات الصحية، والتوظف، إلى جانب عدم الحق في التمتع بجنسية أي بلد. ومع ذلك، أمر "حزب البعث" الحاكم، في أول مؤتمر يعقده منذ عشر سنوات، في يونيو/حزيران، بإعادة النظر في تعداد السكان الذي أُجرى عام 1962، وهو ما قد يؤدي إلى منح الجنسية السورية إلى الأكراد غير الحاملين لأي جنسية.وكان أصحاب الآراء المعارضة للآراء الدينية السائدة يُعاقبون عقاباً قاسياً في بعض البلـدان. ففي مصر، ظل متولي إبراهيم متولي صالح رهن الاحتجاز الإداري بسبب آرائه العلمية الخاصة بالارتداد عن الدين وزواج المسلمات من غير المسلمين، وذلك على الرغم من صدور الحكم لصالحه سبع مرات على الأقل من جانب محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ). وفي باكستان، حيث تنص "قوانين التجديف" في الدين على أن ممارسة طائفة الأحمدية لشعائرها تمثل جريمة جنائية، كانت تحقيقات الشرطة في مقتل بعض الأحمديين بطيئة، أو لم يتم إجراء تحقيقات أصلاً. ففي حادثة واحدة فقط، في أكتوبر/تشرين الأول، قُتل ثمانية من الأحمديين وجُرح 22 آخرون في مسجدهم، وذلك برصاص أشخاص يستقلون دراجة بخارية مسرعة. وبعد ذلك بقليل، ألقت الشرطة القبض على 18 رجلاً لكنها أفرجت عنهم دون توجيه تهم لهم. وفي الصين، ظلت القيود الشديدة مفروضة على ممارسة الشعائر الدينية خارج القنوات الرسمية. ففي مارس/آذار، أصدرت السلطات توجيهاً جديداً يهدف إلى تعزيز السيطرة الرسمية على الأنشطة الدينية، وفي إبريل/نيسان، تجدد الانقضاض على حركة "فالون غونغ" الروحية. وقال أحد المسؤولين في بكين إنه ما دامت تلك الحركة قد أصبحت محظورة باعتبارها "منظمة مارقة"، فإن أي نشاط يرتبط بحركة "فالون غونغ" يُعتبر غير مشروع. وورد أن كثيرين ممن يمارسون شعائر "فالون غونغ" ظلوا رهن الاحتجاز، حيث يتعرضون التعذيب أو سوء المعاملة.وفي إريتريا، حيث انقضت الحكومة على الكنائس المسيحية الإنجيلية في عام 2005، كان أكثر من 1750 من أتباع هذه الكنائس وعشرات المسلمين رهن الاحتجاز بسبب عقائدهم الدينية في نهاية العام، وهم محتجزون إلى أجل غير مسمى وبمعزل عن العالم الخارجي، دون تهمة أو محاكمة، وبعضهم في أماكن سرية. وتعرض كثيرون منهم للتعذيب أو سوء المعاملة، كما احتجزت أعداد كبيرة منهم في حاويات شحن معدنية أو في زنازين تحت الأرض.وكان ما تعتبره السلطات افتقاراً إلى "النقاء" العرقي في تركمانستان ذريعة لها لحرمان بعض الأشخاص من التوظف والتعليم، حيث طُورد الكثيرون من ينتمون إلى الأقليات العرقية، مثل الأوزبكيين والروس والكازاخيين، من وظائفهم وحرموا من التعليم العالي. وتعرض أبناء الأقليات الدينية لخطر المضايقة، والاعتقال التعسفي، والسجن في أعقاب محاكمات جائرة، وسوء المعاملة. وفي عام 2005، صدقت لاتفيا على "إطار الاتفاقية لحماية الأقليات القومية" الصادرة عن مجلس أوروبا، ولكن تعريف الحكومة لمصطلح "الأقلية" يستثنى معظم أفراد الجالية الناطقة بالروسية من التأهل للاعتراف بهم كأقلية.وظل السكان الأصليون في كثير من البلدان يُعتبرون طبقة متدنية، وكانوا من ضحايا انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان. وتحقق بعض التقدم خلال عام 2005 بخصوص المناقشات الخاصة بإصدار إعلان دولي عن حقوق السكان الأصليين، وهي المناقشات التي ظلت متجمدة لما يقرب من عقد كامل. وعلى المستوى الوطني، تجلى هذا التلكؤ الذي أبداه المجتمع الدولي في الاستجابة لحاجة السكان الأصليين الماسة للاعتراف بحقوقهم وحمايتها. ففي البرازيل، على سبيل المثال، كانت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من ترسيم حدود أراضي السكان الأصليين والمصادقة عليها أبعد ما تكون عن الأهداف الموعودة. وقد ساهم ذلك في انعدام أمن المجتمعات المحلية الأصلية وتعرضها لاعتداءات اتسمت بالعنف، وإجلائها بالقوة، مما أدى إلى تفاقم الحرمان الاقتصادي والاجتماعي الذي كان شديد الوطأة أصلاً.وقال "مقرر الأمم المتحدة الخاص المعنى بأوضاع حقوق الإنسان والحريات الأساسية للسكان الأصليين"، بعد زيارته لنيوزيلندا في عام 2005، إنه رأى تفاوتاً كبيراً، يزداد اتساعاً في بعض الحالات، بين أبناء طائفة "الماوري" وبقية السكان، وأضاف إن أفراد "الماوري" يرون أن هذه نتيجة لتركة الوعود التي لم تتحقق عبر الأجيال، والتهميش الاقتصادي، والنبذ الاجتماعي والتمييز الثقافي.وفي الوقت الذي يشهد مستوى غير مسبوق من العولمة، حيث يجري تحطيم الحواجز التي تعوق حرية تدفق رأس المال والبضائع عبر الحدود، كان من المفارقات إخضاع تنقلات البشر عبر الحدود الوطنية للنظم التي تفوق في دقتها أية نظم سابقة. وأصبح العمال المهاجرون هدفاً للعدوان وسوء المعاملة بصفة خاصة، على الرغم من الفوائد التي تجنيها المجتمعات المضيفة من وجودهم. ويُقدر عدد المهاجرين الذين يقيمون ويعملون خارج بلدانهم الأصلية بنحو 200 مليون، وقد واجه كثيرون من العمال المهاجرين في شتى أنحاء العالم الاستغلال والإيذاء، من العمال الزراعيين البورميين في تايلند إلى العاملين والخادمات في الكويت. وكان هؤلاء العاملون عرضة للمعاملة السيئة على أيدي أصحاب العمل، ولا يتمتعون بأية حماية قانونية في كثير من الحالات وإلى حد يدعو للانزعاج، وفي الوقت نفسه لا يكادون يقدرون على اللجوء للعدالة. وكان العمال المهاجرون بصورة غير رسمية، ممن تتنبه السلطات لوجودهم، يتعرضون لخطر الاعتقال والطرد التعسفيين في ظروف تمثل انتهاكاً لحقوقهم الإنسانية.واستمر التجاهل الصارخ لحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء في منطقة البحر المتوسط، شأنها في ذلك شأن مناطق كثيرة في العالم. فقد اعترضت السلطات بعضاً من الآلاف الذين يحاولون دخول الجيبين الإسبانيين في سبتة ومليلة، على ساحل البحر المتوسط، وأعادتهم بالقوة إلى المغرب، كما اعتقلت القوات المغربية عدداً من المهاجرين وطالبي اللجوء الفارين من الفقر المدقع والقمع في البلدان الإفريقية جنوبيّ الصحراء الكبرى. وقد رُحل بعضهم إلى الجزائر، ونُقل البعض الآخر إلى مناطق صحراوية نائية على طول الحدود مع الجزائر وموريتانيا، وتُركوا هناك دون قدر يُذكر من الطعام أو دون طعام على الإطلاق ودون وسيلة انتقال. كما استمر احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء في إيطاليا واليونان، وكثيراً ما كان ذلك في ظروف بالغة السوء.وقد رفضت معظم حكومات العالم الالتزام بتحسين أحوال حقوق المهاجرين. فبحلول ديسمبر/كانون الأول 2005، لم يكن عدد الدول التي صادقت على "الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم" قد تجاوز 34 دولة. وبحلول نهاية عام 2005، لم يكن قد تقدم بتقرير إلى "اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين" التابعة للأمم المتحدة إلا دولتان من بين الدول العشرين التي التزمت بتقديم مثل هذا التقرير.وكثيراً ما كانت الاتفاقات الثنائية المعقودة بين البلدان المُرسلة للمهاجرين والبلدان المستقبلة لهم تتجاهل حقوق الإنسان للمهاجرين، وتعامل البشر باعتبارهم سلعاً أو "مقدمي خدمات"، أو "وسائل تنمية"، بغض النظر عن مساهمات المهاجرين في المجتمعات المضيفة لهم وفي بلدانهم الأصلية. وركزت كثير من البلدان على الضوابط التي تفرضها على حدودها، بينما غضت الطرف عن استغلال المهاجرين، بما في ذلك العمال المهاجرون المستخدمين في الاقتصاد غير الرسمي. وكثيراً ما تعرضت المساهمات المهمة من جانب المهاجرين في مجتمعاتهم المضيفة للتعتيم في المناقشات العامة، التي اتسمت في كثير من الأحيان بالعنصرية الصريحة وكراهية الأجانب، مما شجع على إيجاد مناخ تتعرض فيه انتهاكات حقوق الإنسان ضد المهاجرين للتجاهل أو حتى للصفح عنها.وكانت المهاجرات عرضةً بصفة خاصة لخطر طائفة بعينها من انتهاكات حقوق الإنسان بسبب النوع. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، حكمت إحدى المحاكم الشرعية على خادمة أجنبية بالجلد 150 جلدة لأنها حملت دون زواج. ولم تقتصر معاناة كثيرات من العاملات المهاجرات على الاستغلال الجنسي من جانب المهربين وأصحاب العمل، بل عانين أيضاً من التمييز المنظم في البلد الذي يعملن فيه. فعلى سبيل المثال، تعرضت امرأة هندية تعمل في الكويت الاغتصاب والحمل، فزُج بها في السجن بعد وضع مولودها، ولم يُسمح لها بمغادرة البلد دون موافقة والد الطفل.واستمر التمييز والعنف بسبب النوع في جميع بلدان العالم، على نحو ما سجلته منظمة العفو الدولية في تقاريرها الرئيسية الصادرة في غضون عام 2005، في إطار حملتها العالمية تحت شعار ""أوقفوا العنف ضد المرأة". ففي نيجيريا، تعرضت فتيات ونساء للضرب حتى فقدن البصر، أو لرش الكيروسين عليهن ثم إشعال النار فيهن، أو للحبس لأنهن أبلغن عن تعرضهن للاغتصاب، بل وللقتل لأنهن تجاسرن فأبلغن السلطات بأن أزواجهن يهددوهن بالقتل. وقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً عن العنف في محيط الأسرة في إسبانيا، حللت فيه العقبات التي تصادفها المرأة حين تحاول الهروب من علاقة تنطوي على الإيذاء. وبصفة خاصة كانت المهاجرات، أو النساء من طائفة "الروما" (الغجر)، والمصابات بإعاقات بدنية أو نفسية، نادراً ما يستطعن الوصول إلى دور الإيواء الخاصة أو الانتفاع بالمعونة المالية المخصصة للناجيات من أعمال العنف ضد المرأة.وعلى مدار عام 2005، ناضلت منظمة العفو الدولية في سبيل حقوق المرأة التي يتجاهلها نظام القضاء الجنائي. ولم تلق مئات من حالات النساء اللاتي اختُطفن وقُتلن في غواتيمالا الاهتمام الكافي من السلطات، وقالت الحكومة نفسها إن 40 بالمئة من الحالات كان مصيرها الحفظ ولم يجر التحقيق فيها مطلقاً. وكان مثل هذا التقاعس الرسمي بمثابة إشارة بالغة القوة إلى الذين يرتكبون هذه الجرائم بأن بوسعهم ارتكابها وهم بمنجاة من العقاب.وعلى الرغم من الخطوات التي اتخذت في سبيل زيادة الاعتراف القانوني بحقوق ذوي الميول الجنسية المثلية والثنائية والمتحولين إلى الجنس الآخر في بعض البلدان، فقد ظل هؤلاء يواجهون التمييز والعنف على نطاق واسع، وكثيراً ما كان المسؤولون يباركون ذلك. فقد حاولت السلطات في لاتفيا حظر أول مسيرة لذوي الميول الجنسية المثلية للاحتفاء بالكفاح في سبيل حقوق ذوي الميول الجنسية المثلية والثنائية والمتحولين إلى الجنس الآخر. وكان من شأن الملاحظات التي تعبر عن كراهية الميول الجنسية المثلية، التي أبداها رئيس وزراء لاتفيا وغيره من كبار الشخصيات الذين شاركوا مع الزعماء الدينيين في معارضة المسيرة، أن تشجع على انتشار جو التعصب والكراهية، حسبما ورد. وفي المملكة العربية السعودية، صدرت أحكام بالجلد والسجن على 35 رجلاً بسبب حضورهم ما وُصف بأنه "حفل زفاف بين شواذ". ونشرت منظمة العفو الدولية تقريراً رئيسياً عن الولايات المتحدة يتضمن نتائج بحوثها التي انتهت إلى أن ذوي الميول الجنسية المثلية والثنائية والمتحولين إلى الجنس الآخر كانوا هدفاً لانتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الشرطة. وأدى التمييز ضدهم إلى فرض قيود كبيرة على انتفاعهم بالمساواة في الحماية في ظل القانون وبالانتصاف لأنفسهم من الانتهاكات. وفي حديث مع منظمة العفو الدولية، قال رجل من ذوي الميول الجنسية المثلية، يبلغ من العمر 60 عاماً وكان قد قبض عليه في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري:"لم أرتكب أي خطأ... لم ألحق أذى بأي أحد، لكنني استُهدفت فحسب لكوني رجلاً مثلياً في حديقة المدينة... ليس ثمة ظلم أفدح من اختيار فئة بعينها واعتبار أفرادها مجرمين دون أن يكونوا كذلك".ولا شك أن حرمان شخص ما من حقوقه بسبب خصيصة لا يستطيع تغييرها أو تُعتبر أساسية في كيانه إلى الحد الذي لا ينبغي أن يُرغم معه على تغييرها، مثل الانتماء العنصري، أوالدين، أو النوع، أو الميل الجنسي، يعني الطعن في المنطلق الأساسي لحقوق الإنسان، أي الاعتقاد بأن جميع البشر متساوون في الكرامة والقيمة.فقراء ومنبوذون وبعيدون عن الأنظارفي غضون عام 2005، أصبح التزام المجتمع الدولي بتحقيق شعار "طي صفحة الفقر إلى الأبد" يشغل بشكل متنام موقعاً متقدماً في قائمة الاهتمامات الدولية. ولكن، إذا كان قادة الحكومات قد أعلنوا التزامهم بتخفيف حدة الفقر، وخاصةً في إفريقيا، فقد تضاءلت أو تلاشت آفاق تحقيق معظم الغايات المحددة في إطار "أهداف الألفية للتنمية"، التي وضعتها الأمم المتحدة وترمي إلى تحقيقها على مدى 15 عاماً. فقد انقضى العام دون تحقيق أول الأهداف التي حُدِّدت لها تواريخ معينة، وهو المساواة بين الجنسين في التعليم الأولى، دون احتجاج يذكر من جانب المجتمع الدولي، أو دون أي احتجاج على الإطلاق. واتسم العام بزيادة التصريحات الصادرة فيه عن الالتزام الحقيقي بالعمل، وبعدم الاهتمام الكافي بإقامة الاستراتيجيات على مبادئ حقوق الإنسان.ولا يُعتبر قيام الدول بالعمل على تخفيف حدة الفقر والحرمان على مستوى العالم من الكماليات الاختيارية، بل إنه التزام دولي. وقد شهد عام 2005 أحد معايير عدم وفاء الدول بهذا الالتزام، حيث وصل الإنتاج الاقتصادي العالمي إلى أعلى مستوى له على مر التاريخ، بينما كان ما يربو على 800 مليون شخص في شتى أنحاء العالم يعانون من سوء التغذية المزمن، وتُوفي ما لا يقل عن 10 ملايين طفل دون سن الخامسة، ولم يتمكن ما يزيد عن 100 مليون طفل (معظمهم من الإناث) من الالتحاق حتى بالتعليم الأولي.وكانت النتائج المخيبة للآمال التي تمخض عنها مؤتمر القمة العالمي، الذي عقدته الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، دليلاً واضحاً على الفجوة التي تفصل الطنطنة السياسية عن الالتزام الحقيقي. فقد أعاق عدد صغير من الدول الجهود المبذولة لتحقيق تقدم يُعتد به في مجالات حقوق الإنسان، والأمن، والإبادة الجماعية والحد من الفقر. وكان على المندوبين أن يبذلوا جهوداً جبارة للحفاظ على الالتزامات التي سبق الإفصاح عنها، إلى الحد الذي لم يُتح لهم الوقت الكافي لمناقشة تنفيذ وثيقة نتائج المؤتمر، وهي إعلان سياسي أعربت فيه الحكومات عن تعهدات سياسية في مجالات أربعة وهي التنمية، والسلام والأمن، وحقوق الإنسان، وإصلاح الأمم المتحدة.وكان عدم إحراز تقدم في مجال تحقيق "أهداف الألفية للتنمية" يمثل صدمةً كبيرةً، نظراً لأن بعض تلك الأهداف وضعت مستويات للإنجاز المتوقع أدنى من المستويات التي لا بد على الدول أن تلبيها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. فلو تحقق، على سبيل المثال، هدف تخفيض الفقر إلى النصف لزاد إلى حد كبير متوسط العمر المتوقع والمستوى الصحي والكرامة الإنسانية. ومع ذلك، فإن الدول التي صادقت على "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، ويبلغ عددها 152 دولة، قد التزمت، على أقل تقدير، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتخفيف حدة الجوع وكسر شوكته لجميع السكان، حتى في أوقات الكوارث الطبيعية أو غيرها من الكوارث.وإذا كان الفقر العالمي قد صعد إلى مكانة متقدمة على قائمة الاهتمامات العالمية خلال عام 2005، فقد كشف ذلك العام أيضاً عن أوجه التفاوت الاقتصادي والاجتماعي الشديد حتى في أغني البلدان. وقد صدمت عواقب إعصار كاترينا الكثيرين في شتى أنحاء العالم لأنها أماطت اللثام عن موطن ضعف الولايات المتحدة، ذات أقوى اقتصادي عالمي،وهو الذي يتمثل في الحرمان وجوانب التفاوت العنصري والفقر.وأدت أحداث الشغب في فرنسا إلى لفت الأنظار إلى التفاوت الاجتماعي والتمييز اللذين استمرا عقوداً ضد المهاجرين والمواطنين الفرنسيين ذوي الأصول الإفريقية. وتمثل رد الحكومة في إعلان حالة الطوارئ، وفرض حظر التجول، والسماح للموظفين المكلفين بتنفيذ القانون بالقيام بالتفتيش دون إذن قضائي، وإغلاق جميع أماكن الاجتماعات العامة مهما تكن، وفرض "الإقامة الجبرية" على بعض الأشخاص في منازلهم. كما أعلنت الحكومة اعتزامها طرد المهاجرين الذين أُدينوا أثناء أحداث الشغب، بغض النظر عما إذا كانوا يتمتعون بالحق المشروع في الإقامة في فرنسا.وظل الكثيرون عاجزين عن الحصول حتى على أدنى مستويات الغذاء والماء والتعليم والرعاية الصحية والإسكان في جميع البلدان على اختلاف نظمها السياسية ومستويات التنمية فيها. ولا يمكن أن يُعزى وجود الحرمان في وسط الوفرة إلى نقص الموارد وحده، بل إنه نشأ من عدم رغبة الحكومات وغيرها في علاجه، ومن الفساد الدائب فيها، ومن إهمالها، وما تبديه من تمييز، وكذلك من عدم احترامها وحمايتها وتلبيتها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.فعلى سبيل المثال، عجز ملايين المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) أو الفيروس المسبب له عن الحصول على حقهم في الرعاية الصحية، لا بسبب الفقر فقط بل بسبب التمييز والوصمة الاجتماعية والعنف ضد المرأة، والاتفاقات التجارية واتفاقات براءات الاختراع التي تعوق الحصول على العقاقير الكفيلة بإنقاذ الحياة. وخلال عام 2005، لم يحصل على العقاقير المضادة للارتجاع الفيروسي في البلدان النامية إلا أقل من 15 بالمئة ممن يحتاجون هذا العلاج، وهو الأمر الذي يشهد لا على تقاعس الحكومات فحسب بل أيضاً على تقاعس الهيئات الحكومية الدولية والشركات عن الوفاء بمسؤولياتها المشتركة عن حقوق الإنسان.وأدى التقاعس عن تعزيز حقوق الإنسان في اقتصاد العولمة إلى إبراز المناقشة حول المسؤوليات التي تتحملها الشركات والمؤسسات المالية عن حقوق الإنسان. وقد خطت جهود وضع مبادئ حقوق الإنسان التي تنطبق على الشركات خطوة أخرى إلى الأمام في عام 2005، عندما قام الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين ممثل خاص له معنى بحقوق الإنسان والشركات المتعددة الجنسية وغيرها من الشركات التجارية. وقد دارت مناقشة حول وثيقة الأمم المتحدة الخاصة بمعايير حقوق الإنسان في مجال التجارة، وتحقق المزيد من التقدم نحو قبول الشركات لمدونات لقواعد السلوك تُطبق طوعياً. ومع ذلك، فما زالت هناك حاجة إلى مواثيق عالمية مشتركة لما تلتزم به الشركات إزاء حقوق الإنسان والمساءلة القانونية.وعلى امتداد العالم كله، كانت هناك حالات لا تُحصى تؤكد كيف يمكن أن يكون الفقر انتهاكاً مضاعفاً لحقوق الإنسان، المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وكيف يرتبط الفقر بالتهميش وبالتعرض للعنف ارتباطاً محتوماً في حالات كثيرة.ففي البرازيل، حيث يعيش الملايين في مدن الصفيح، كان من شأن استمرار تقاعس الحكومة عن التصدي للمستويات المنتظمة للعنف الإجرامي وانتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الشرطة أن يعزز أنماط النبذ الاجتماعي. وأدى إصرار الدولة على إهمال الأمن العام في مدن الصفيح إلى ارتفاع معدلات القتل حتى أصبحت من أعلى المعدلات في العالم، بل وتسبب أيضاً، من الناحية الفعلية، في دفع مجتمعات بأكملها إلى هوة الجريمة، وهو الأمر الذي حد بشكل كبير من فرص الانتفاع بالخدمات العامة، وهي الهزيلة أصلاً، مثل التعليم والرعاية الصحية والتوظف. فعلى سبيل المثال، لم يكن الكثيرون من سكان مدن الصفيح يستطيعون الحصول على عمل حين يذكرون عنوان إقامتهم الحقيقي، إذ كانوا يُعتبرون على نطاق واسع في عداد المجرمين. كما كان العنف المسلح يمثل عنصراً لا مفر منه من عناصر الحياة اليومية، إما على أيدي عصابات المخدرات أو الشرطة أو "فرق الإعدام" في لجان الأمن الأهلية. وقد اتبعت الشرطة سياسة شن حملات شبه عسكرية على مدن الصفيح؛ لكنها فشلت في السيطرة على العنف بل وعرَّضت للخطر أرواح بعض أشد المستضعفين في المجتمع. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أُجري استفتاء حول فرض حظر شامل على بيع الأسلحة النارية في البرازيل، لكن نتيجته كانت سلبية. وعزا بعض المحللين هذه النتيجة إلى يأس الناس من الأوضاع الأمنية، وعدم إيمانهم بقدرة الشرطة على حمايتهم.وشهدت هايتي مستويات عالية من أحداث العنف، وخاصةً العنف الجنسي، على أيدي الجماعات المسلحة ولجان الأمن الأهلية ضد النساء في المجتمعات المحلية الفقيرة. وتعرضت بعض النساء بصفة مستمرة لخطر الاعتداء عليهن. ونظراً لشدة انخفاض معدل إدانة مرتكبي أحداث العنف الجنسي، وعدم توافر المؤازرة الرسمية أو الاجتماعية أو الأسرية للعمل على تحديد مرتكبيها والتحقيق معهم، لم يكن مستغرباً إحجام هؤلاء الضحايا عن السعي لتحقيق العدالة. وعادةً ما كان الموظفون المكلفون بتنفيذ القانون يتقاعسون عن حماية هؤلاء النسوة أو مساعدتهن في اللجوء إلى العدالة.وفي كثير من الأحيان، حُرم أفراد طائفة "الروما" في شتى أرجاء أوروبا من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأساسية، مثل الحصول على التعليم والخدمات الصحية، وكثيراً ما تعرضوا للإيذاء على أيدي الشرطة. ففي سلوفينيا، شكل أبناء "الروما" نسبة كبيرة من السكان الذين حُذفت أسماؤهم دون وجه حق من السجلات السلوفينية للمقيمين الدائمين في عام 1992، ويُطلق عليهم اسم "المحذوفين"، ومن ثم عجزوا عن الانتفاع بالخدمات الاجتماعية الأساسية.وكثيراً وُجهت انتقادات إلى المجتمع الدولي بسبب التقاعس عن تقديم المساعدة في الوقت المناسب وبالمستوى اللازم لمن يحتاجون إليها بصورة عاجلة، سواء بسبب الكوارث الطبيعية أو الأزمات الإنسانية. ومع ذلك، فقد تعرضت الجهود الإنسانية في بعض البلدان لعراقيل من جانب حكومات عاجزة أو عازفة عن تلبية حاجات الفقراء والمهمشين في بلدها نفسه. ففي زمبابوي، وعلى الرغم من الأدلة الدامعة على الحاجة الإنسانية للسكان، أعاقت الحكومة مراراً الجهود الإنسانية التي تبذلها الأمم المتحدة وهيئات المجتمع المدني، وذلك لأسباب سياسية. وكانت الآثار المترتبة على السياسات الحكومية من بين العوامل الرئيسية وراء الحاجة إلى الدعم الخارجي: حيث تعرض مئات الآلاف للطرد قسراً من بيوتهم، وفقد عشرات الآلاف مصادر أرزاقهم والقدرة على إعالة أسرهم.وشهد عام 2005 بعض الخطوات الإيجابية على طريق زيادة الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستويين الوطني والدولي. ومن ذلك قرار مهم أصدرته "محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان" في القضية التي رفعتها فتاتان من أصل هايتي، هما ديليشيا يين وفيوليتا بوسيكو، ضد الجمهورية الدومينيكية التي حرمتهما من الالتحاق بالتعليم بسبب جنسيتهما. كما اتخذت الأمم المتحدة بعض الخطوات على طريق إنشاء آلية تابعة لها لتلقي الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن شأن هذه الآلية أن تساعد في وضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على قدم المساواة مع الحقوق المدنية والسياسية، وبهذا تضع حداً لهذا التصنيف التعسفي لحقوق الإنسان. ومن شأنها كذلك أن توجه ضربة للإفلات من العقاب لمرتكبي انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن تفتح سبيلاً، هناك حاجة ماسة له، لتمكين الضحايا من المطالبة بالإنصاف.الخاتمةترى منظمة العفو الدولية أن الأمن الحقيقي للبشر يعني تلبية جميع الحقوق، مدنية كانت أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، إذ يرتبط بعضها بالبعض الآخر ولا يمكن تجزئتها، ومن ثم لا يجوز لأية سياسة أنية أن تتجاهل بُعْداً واحداً من أبعادها. ولن يستطيع البشر تحقيق الازدهار وتحقيق طاقاتهم الكامنة إلا إذا توفر الأمن لهم في جميع جوانب حياتهم، وهكذا فإن أمن البشر يعتمد على احترام وحماية وتلبية جميع أشكال حقوق الإنسان التي يعتمد بعضها على بعض.ويبين هذا التقرير أن أمن البشر، إذا ما فُهم على هذا النحو، قد وقع في كثير من الأحيان ضحية لإستراتيجيات الأمن الوطنية لدى أقوى حكومات العالم، ومن اكتسبوا الجرأة من اتباع نموذجها. ولن يتسنى الحفاظ على أمننا الجماعي كبشر من خلال أمثال تلك المناهج، التي تتركز في الدولة وتقدم تعريفاً ضيقاً للأمن، بل إنه يتطلب رؤية أشمل لما يعنيه الأمن، كما تتطلب إحساساً جماعياً بالمسؤولية المشتركة عن حمايته، داخل حدود الدول وخارجها.

samedi, mai 20, 2006

هديرالغضب عبد الرحمن عبد الوهاب


رسولنا يُهان في بلاد النرويج والدانمارك
قرآننا يداس بالنعال في غوانتناموا
بقايا العزة نلملمها من تحت سنابك الغزاة في العراق ..
الأقصى يذبح يوميا بالسكين من يهودي ابن سِفاح..
وأفغانستان اختزلوها في سجن باغرام لتُمارس هناك حضارة وحرية
أمريكية الطراز. ولا يستحون ...!
لفظ الجلالة يكتب على النعال ويداس في أميركا ....
هاهم لم يبقوا للشعوب على أي مقدس
او خطوط حمراء أقرتها قوانين الأرض وشريعة السماء ....حتى الأعراض ..
كما هو الحال أيضاً في أبو غريب .
ماذا أبقيت لنا أيها الغرب ؟
ماذا أبقيت لنا ؟
أجل أيها السادة و مع كل هذا ما زلت مقتنعا بأمتي الإسلامية. أحثها على النهوض
وأخذ الثأر .. وتحرير القدس وبغداد وكابول..
بالرغم من كل الآلام .. أقولها ..
هي امة (لا اله إلا الله ) للمجد خلقت .. وللمجد فقط تعيش .
كم قد قُتِلت وكم قد مِت عندكم ثم انتفضت فزال القبر والكفن ..
النهوض وحكم الأرض من جديد ليس معضلة ..لمن كانوا يوما أنصارا لله ..
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول ...
نحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين او القبر
امتى عودي للصدارة .. فللصدارة خلقت .. فما هؤلاء
إلا بضعة لصوص.. ومجرموا حروب .. وحثالة حضارات ..


* * * *
لقد اندهشت حول التصور الغربي تجاه الامور .. انه موروث قديم لديهم صورته رواية treasure island في تمجيد القرصنة واللصوصية ..والقتل .. وهذا التصور ما زال كائنا في قاع الذهن الغربي ويتعامل على اسسه ومنطلقاته ..
فلقد كان الشعار الذي يعلقه جنود الغرب ..الذين مروا على يابسة العالم
Join the army ,see the world ,meet interesting people ,, and kill them .
التحق بالجيش ..شاهد العالم ..قابل اناس ممتعين ..ومن ثم اقتلهم ..
يقول أحدهم ..الجندي يحارب طويلاً وبقسوة .. من أجل جزء من شريط ملون ..انه المجد
A soldier will fight long and hard for a bit of colored ribbon that is glory

ولم يختلف الأمر عن معالجة أل كابوني للأمور .. ممكن ان تحقق الكثير بكلمة طيبة وبمسدس.. اكثر من الكلمة الطيبة فقط كما هو الحال للتهديدات للضحايا في افلام الوسترن..
..You can get a lot more done with a kind word and a gun, than with a kind word alone. -- Al Capone
إلا ان الأمر لدينا .. يختلف أسسا ومنطلقات ..
فالحرب في الإسلام .. ليست قرصنة ولا شريط احمر يعلق على الكتف .. او مقابلة اناس جدد وقتلهم لمجرد القتل ..كما هو التصور الغربي أعلاه.
الله نور .. {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } (35) سورة النــور
وكل ما جاء من عند الله كان نورا ..
التوراة نور
{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (44) سورة المائدة
ووصف الانجيل بانه هدى ونور ..

{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} (46) سورة المائدة
ووصف القران بأنه نور
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} (174) سورة النساء

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (52) سورة الشورى

الله نور .. وليس ضباب.. تعالى الله علوا كبيرا.. وكان محمد سراجا منيرا .. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (45) {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (46) سورة الأحزاب.. ولكن منطق الطغيان على النقيض .. لا يحب الا الضباب .. ولا يعيش الا ضمن أجواء من ضبابية المصطلحات .. فإنه لم يُعرّف مصطلح الإرهاب إلى الان ..حتى يلهو ويعيث فسادا في الكون بناءً على ضبابية المصطلح .. فمعالجة الاسلام للواقع الكوني .. هو فهم للواقع الانساني والمساهمة فيه بل وصناعته وقيادة البشرية.. على أسس من النور والوضوح .. ألا وهي الحق والعدل .. على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ..
يقول ..سعيد بن سويد بن عمير .. وهو صحابي رضي الله عنه .. يقول على المنبر وهو في حمص ..
إن الإسلام حائط منيع وباب وثيق .. فحائط الإسلام العدل وبابه الحق .. فلا يزال الإسلام منيعا.. ما اشتد السلطان.. وليس شدة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط .. ولكن قضاءً بالعدل .. وأخذاً بالحق ..
هذا هو التصور للإسلام (العدل والحق) .. يختلف عن ضبابية المصطلح .. والتي بمثابة محطة تمهيدية للإجرام والإفساد في الأرض على أسس من الظلم والباطل ..الذين كانا نقيضي الحق والعدل ..
وهذا النور الالهي في القرآن .. كان دليلا للبشرية لتسير على إشعاعاته .. بدلا من التخبط في التيه .. والبحث عن سراب ..
من القرآن اشرقت العقول والأذهان . . نحو افاق من العدل .. والحرية .. فمجرد آية من القرآن وحديث من المصطفى ..
نأخذها ونبلور منها استقصاءات عميقة في قلب المعرفة .. وبناءيات المجد والثورة عبر الأجيال .
لايمكن .. ما الذي يجبر هندوسيا أن يقول إن اقول محمد كنوزا من الحكمة .. ليست للمسلمين فحسب بل والبشرية جمعاء ..
وهذا السراج المنير (محمد صلى الله عليه وسلم ) كانت ومضات كلامه .. مشاعلاً تضيء الدروب .. والعقول والاذهان ..
وإذا قالوا ان إمبراطوريات المستقبل .. هي إمبراطوريات العقول ..
The empires of the future are the empires of the mind. "sir Winston Churchill
أذن سيظل القرآن باقيا .. يقول كلمته .. والمصطفى بسيرته العطرة ,, وكلامه الرائع باقيا .. نشد من نورهما خيوط الفجر والخلاص .. حينما تضيق بنا الدروب وتضل بنا السبل .. تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا .. كتاب الله وسنتي ..
عجبا ان يحاولوا .. إطفاء نور الله .. والله متم نوره ولو كرهوا ..
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (32) سورة التوبة
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8) سورة الصف
وهذا السراج المنير(محمد صلى الله عليه وسلم ) .. سيبقى على مر التاريخ والازمان كوكبا .. مضيئا .. رغم انف من .. حاد الله ورسوله ..
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ} (20) سورة المجادلة
لا يمكن .. لهذا السراج ان ينطفيء.. بأفواههم ,, او برسم كاريكتوري .. أو ما تفتق عنه ذهنهم المريض ..
عبثا ما هم فاعلون .. ولكن ما أنا بصدده هو الغضب لربٍ ودين.. ولرسول كريم ..
فإن قال الغربيون لا تتوقع المثالية البتة من الآخرين فأنهم لن يرقوا إلى توقعاتك ..
Leo Buscaglia: Never idealize others. They will never live up to your expectations.
إلا أن مثالية رسولنا الكريم فاقت التوقعات ..
لقد كان محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. إنسانا رائعا .. بكل المقاييس .. فمجد الإسلام .. ليس سطوة كهنوتية
كما هو الحال عند النصارى .. او حاخامية عن اليهود .. وليس لتشريع تم من قبل طبقة برجوازية والطبقات العليا في المجتمع .. فبالرغم كونه من اشرف بيوت الأرض .. تلك البيوت بيوت المجد ..
كما قال عبد المطلب جد المصطفى صلى الله عليه وسلم
لا ينزل المجد إلا في منازلنا كالنوم ليس له مأوى سوى المقل
نعجب اشد العجب لتواضعه الجم فلقد كان يركب الحمار العاري.. كان يمشي في حاجة الفقير والمسكين ..
وكان يجلس ليأكل كجلسة العبد.. لم يدخر لنفسه شيئا .. يدخل احد الصحابة عليه .. وجده يتخذ حصيرا للنوم ولمقابلة الضيوف .. وأثر الحصير على جنبه .بأبي هو وأمي .. هذا هو محمد رسول الله الذي ملأ الأرض زهرا وحبا وعدلا ..
كل أمجاد الأرض ركلها محمد بن عبد الله فكان له مجدا فاق الأولين والآخرين .. مهما تكلمنا عن تفصيلات فهي لا تعدو جزئيات وأنى لنا أن نعرض المشهد برمته ..
يقول نابليون بونا برت

"I hope the time is not far off when I shall be able to unite all the wise and educated men of all the countries and establish a uniform regime based on the principles of Qur'an which alone are true and which alone can lead men to happiness."
Napolean Bonaparte as Quoted in Cherfils, Bonaparte et Islam, Paris, France, pp. 105, 125

أتمنى في زمن ليس ببعيد .. ان أكون قادرا على توحيد كل العقلاء والمتعلمين في كل البلدان لإقامة نظام حكم مبني على أسس القرآن الكتاب الوحيد الحق والذي له القدرة على ان يقود البشرية الى السعادة .. نابليون بونابرت

* * * * * *
ويبقى السؤال المصيري والأبدي يمكن ان نختصره في كلمتين .. ما هو الهدف من الحياة والوجود .. قد تختلف الرؤى والمعالجات .. تبعا للخلفية الثقافية والفكرية والدينية للافراد والشعوب والامم..
وباختصار الحياة .. ما هي إلا مباديء من اجلها تعيش.. وأيضا من اجلها تموت .. الحياة ليست حلم أجوف .. كما قال شيكسبير .. أو قصة رجل وامرأة.. أو كما قال الفرنسيون ما الحياة الا رواية تحكى .. بل كانت عقيدة وجهاد كما قال شوقي..
واذا اختصرنا قضية العقيدة بالنسبة لنا سنجدها [ مبادئ السماء ] في كتاب كريم .. و[رسول كريم] قام بإرساء تفاصيل الشريعة والتفصيل العملي .. هذا إذا وضعنا مضامين التوحيد والعدل والحرية التي أرساها المصطفى على الارض .. جانبا ..
فقيمة الوجود بالنسبة لنا كمسلمين( الله ) وإعلاء كلمته .. و(رسول) كريم والاقتداء به ..
وما دونهما من قضايا حياتية .. فهي قضايا عابرة .. تحصيل حاصل .. مال او اولاد .. أو قصور .. وجودها مثل عدمها .. سيان ..فالإنسان بدون مباديء يعيش من اجلها .,.تصبح حياته بلا قيمة .. ولا حيثية .. إنها والبهائمية سيان .. ( الدين )ما هو الا قضايا يُعاش من اجلها ,, فضلا عن دور الدين في تنظيم الحياة وفقا لمباديء السماء .. فحركة الحياة كلها تعتمد على الدين من خلال التحليل والتحريم ..
ووضع سياق اجتماعي وأخلاقي.. على أسس السماء والتشريع الإلهي لها .. ترتبط بحركة الإنسان في الكون والمسلم في الحياة ..من خلال الزواج أوالمأكل أوالمشرب والمعاملات والعبادات.. ناهيك عن دور الاسلام في مجالات الحياة الكبرى كالجهاد والكفاح ..

ناهيك عن التفصيل العملي الهائل للرسول الاكرم للأساسيات التي يمضي عليها المسلم في يومه وليلته حتى التفصيلات الدقيقة لحركة المسلم في الكون ..منذ ان يقول أزكار الصباح .. انتهاء الى الفكر الراقي .. انطلاقا.. الى البذل والتضحية والجهاد ..فأي دين عظيم هذا ..
من هنا تأخذ العقيدة قيمتها الأساسية كونها الركن الأساسي وزاوية الارتكاز .. التي عليها محور الكون بأكمله يدور .. كتاب الله ورسوله هما الأساس .. وهما القضايا الكبرى وما دونهما قضايا هامشية .. وأهداف هامشية وغايات هامشية ,, الله في الأرض ..ورسوله الكريم فقط .فبدون الدين تكون الحياة ضربا من البهيمية لأن ليس هناك أُطر ولا سياق ولا قواعد ولا أصول تنتظم على أثرها الحياة والوجود و الأشياء ..
من هنا كانت آليات الكفر الشرسة والحاقدة ..لا تنتهي ..
كانت الحرب ضد الله .. معلنة .. كما حدث في أن كتبت شركة نايكي الشهيرة لفظ الجلالة .. الله .. على النعال .. وطرحتها في الأسواق .. وقد ناشد الأخ نهاد عوض في واشنطن .. المسلمين بمقاطعة تلك الشركة ..نشرتها كل الجرائد في حينها ..
وكانت تصرفات وقحة أخرى .. بأن استخدمت شركة كوكاكولا .. بيت الله الكعبة .. كمادة إعلانية .. ورسمت عليها شعارها .. ,بجانبها مسلم يسجد .. قائلة ما الضير في ذلك هذا مسلم يطفيء عطشه الروحي ..
وما انتهينا من الأمر إلا وجدنا .. إسرائيل تبث موقعا اباحيا على الشبكة .. تحت عنوان الله اكبر..
وكانت أيضا ضد كتاب الله ..فقد تم تنحيته عن التشريع والهيمنة وما انفكوا في العصور المتأخرة .. يحاولون ضرب قيمته وقدسيته في تصرفات صبيانية غير مسئولة .. كدوسه بالنعال .. كما حدث في غوانتناموا .. او .. تأليف قرآن بديل للقرآن في واشنطن .. وفي بلاد المشرق قاموا بتلحين سورا من القرأن الكريم موسيقيا .. وأرادوا إجراء خلفية موسيقية للاذان ..
يريدون ان يتخذوا دين الله لهوا ولعبا .. أهلاً .. أهلاً ايها السادة .. ما كنا ولا كانت الدنيا ؟؟ ان يتم اللعب بالدين ونحن على ظهر الأرض ..
وكانت النهاية في الأسبوع الحالي .. أن بدأت الحملة توجه ضد المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
في بلاد البلجيك والدانمارك .. حيث تناولوا رسولنا الأكرم بالسخرية والاستهزاء ..
وعليه يجب ان نتساءل ؟!
ان لم تعل الأمة كلمة الله في الارض فما قيمة وجودها .. ما قيمة الحياة والوجود .. انها اذن بلا قيمة لأن أعز ما لديك يُهان .. وما تعيش من اجله يهان ..
ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم .. وكان النقيض لمعنى الآيه: ان تخذلوا الله يخذلكم .. إنها لم تحقق الأمر المناط بها في الوجود .. لاعتبارات موضوعية .. مافائدة وجودها .. ان لم تعل كلمة الله في الارض .. فما فائدة الحياة ..ولأي غرض تعيش..؟
* * * * *

كان هناك معادلات إيمانية .. إذا تحققت تحقق لها السبق في مضمار المجد ..
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في كتابه إلى خالد بن الوليد احرص على الموت توهب لك الحياة
أخذه الشاعر فقال
تأخرت استبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ومن هذا قول الخنساء
نهين النفوس وهون النفوس عند الكريهة أوقى لها
سال عمر ابن الخطاب رجل من بني عبس
كيف تظهرون على أعدائكم ولستم بأكثر منهم ؟
فقال كنا نصبر بعد الناس هنيهة
ومن المواقف التي لابد ان تذكر ما ورد في كتب التاريخ .. قدم وفد على عمر بن الخطاب بفتح.. فقال متى لقيتم عدوكم ؟ قالوا : أول النهار .. قال : فمتى انهزموا ؟ قالوا آخر النهار ..فقال : إنا لله ! أو قام الشرك للإيمان من أول النهار الى آخره !! والله إن كان هذا إلا عن ذنب أحدثتموه بعدي .. أو أحدثته بعدكم .. ولقد استعملت يعلى بن أمية على اليمن استنصركم بصلاحه انتهى
..لله درك يا بن الخطاب .. الغريب والمثير للدهشة .. انه استنكر عليهم بقاء الكفر صامدا من أول النهار إلى آخره .. وبالرغم من انهزام الكفر لم يرتض الموقف .. وقال إن هذا ناجم عن ذنب .. وقد استعمل أحد الصالحين .. يستنصرهم بصلاحه .. ومنه قول ابي بكر في سياق مماثل .. حيث قال لجنوده اياكم والمعاصي .. فإن الله ينصركم على أعدائكم بمعصيتهم لله ..

* * * * *
كان هناك قضايا هامة في مضمار النصر والمجد يتلخص في ثلاثة ايات مترابطة السياق المنطقي .. وان اختلفت في مواقعها بالقرآن ..
قال تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ } (14) سورة الصف
وقال تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد
وقال تعالى
{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ
وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (160) سورة آل عمران..
ان تنصروا الله ينصركم ...ان ينصركم الله فلا غالب لكم ..أي لا غالب لكم .. مهما أوتى من قوة .. إذا نصركم الله .. فماذا تريدون ..بعد ذلك .. انه سوء الظن منا .. وسوء اليقين ..
وإذا تابعنا الموقف .. نراهم .. لا هم كانوا .. أنصاراً لله .. بقدر ما كانوا أنصارا للكفر .. وعلى المنحى الفكري يقول احدهم .. إني أفضل أن يتعلم ابني الموسيقى بدلاً من حفظ القرآن.. (لا بارك الله فيك) .. وهدى الله ابنك لنور القرآن .. لأنه ليس له ذنب .. قال المصطفى كل مولود يولد على الفطره فأبواه ينصرانه او يهودانه أو يمجسانه .. وهاقد رأينا ..في العصر الحديث كيف ينجسانه (بالنون) فما بالك لو كان القائل استاذ جامعي وكيف هذا موقفه من القرآن.. وكيف يكون مضار التنجيس للعقول والأذهان وكيف ستكون النوعية التي ستتخرج مسقبلاً من تحت يديه لقد شاهد العرب احد النوعيات المماثلة احد الحمقى الذي ابتاع القرآن بطنبور .. أسموه مروان الخاسر.. وعلى المنحى السياسي ..كان لهم جدارة في تنفيذ مخططات ومآرب الكفر.. وانتهت إلى غلق مدارس الدين .. وهدم المساجد في بعض الدول .. فأي واقع بائس نعيش ..
نعم كان النقيض المنطقي والضمني للآية الكريمة ..( ان تنصروا الله ينصركم) .. ان تخذلوا الله يخذلكم .. وان يخذلكم من ذا الذي ينصركم من بعده .. وتبدو القضية في حلم الله .. فالله تعالى هو الحليم .. وهو أيضا الصبور .. بالرغم من أن الأمة قد تأهلت منذ زمن للانتقام الالهي .. بأن يجعل الله عاليها سافلها نظرا لأنها استحقت درجات الرسوب بجدارة في كل الامتحانات التي مرت بها في القرن العشرين .. في مقامات الانتصار لله تعالى ولدينه .. وها قد غسلنا ايدينا من بعض علماء الدين .. فما عليهم ان ينصروا( لا اله الا الله) وإلا فلينتظروا خسفا او رجما او حجارة من السماء.. او حتى يأتي الله بأمره ..
أما .. وكان هذا هو الوضع البائس للأمة .. فلينهض بالأمر أولو البقية .. وأجرهم على الله ..
{فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ} (116) سورة هود
* * * *
وهاهي الأمة اليوم تنكرت لإلهها .. ولربها .. ونحت شريعته من الهيمنة على الكون .. ولم تنزله مقامه العظيم من التعظيم والتقديس وإعلاء الكلمة . بل أسقطته من حساباتها السياسية والديبلوماسية .. والأخلاقية .. فأسقطها الله في عين الأمم .. وأصبحت سقط متاع ..
بل كان الأمر أسوأ من ذلك أنها حاربته .. وأعلنتها حربا عليه ..( ولن يعجزوه ). واستووا مع الكفر في وتنفيذ المخططات والقياس .. بسكوتهم .. وتحولت من خير امة أخرجت للناس الى بئس امة أخرجت للناس ..ذلك لأن السكوت رضا . وقناعة. وما بعده اضعف الإيمان.. ذلك لأنهم لم يقولوا .. كلا .. مكانك أيها الكفر.. حتى الانتصار بالكلمة ..
هناك قاعدة في التصور الإسلامي لبقاء الأمم وزوالها فإن لم تعل الأمة كلمة الله في الأرض لم يعد لله فيهم حاجة .. وما أهون الخلق على الله إذا ضيعوا امره..
إن لم تعلوا كلمة الله في أرضه كما علت في سماءه قدسا ومجدا فما فائدة وجودكم ..
أُهين اسمه .. وكتب على النعال .. ولم تحرك ساكنا .. أهين الرسول الكريم ولم يروه تعالى منهم ما يرضيه ..
في وقت كان يتوجب عليه الامر .. تصرفات غير ذلك .. أن تثأر لرب ودين ....ان تشتعل الارض براكينا .. وتستعل السماء لهيبا .. ولنمت موت الشرفاء.. حيثيات وجودنا .. ألا ننظر الى لفظ الجلالة مكتوبا على الاحذية ورسول الله ُيهان ....بل العكس هو الصحيح ان تخفق بها الرايات .. نكتبها الله اكبر بحروف من نور .. على وجه التاريخ .. وناصية الزمان ..قيمة الوجود .. تمجيد الله .. وتحميد الله ..وتنزيه الله .. وعبادة الله على الوجه الاكمل .. اللائق بجلال سلطانة وجبروته .. قيمة وجودنا إعلاء كلمة الله ..وان تتحول الامة الى اعصار هادر .. له مبرراته .. وهومجد الله في الارض .. لا ان نغضي الطرف ونلوذ بالصمت حال كتب على النعال ويساء الى رسوله الاكرم على صفحات الجرائد.. ما قيمة وجودنا وحيثياتة..هنا فقط انتفت حيثيات الوجود وقيمة الوجود ويفقد الوجود مبرراته وقيمته.. لأن قيمة الامة في الوجود (الله اكبر)..مدوية في فضاء الكون .. أذان او تكبيرة ثوار..
وهي النقطة الأساسية في هذا المقال ..
انه حتى على مر التاريخ عموما وربما مع من نختلف معهم عقديا من الثوار او رجال مؤمنين بقضاياهم ومبادئهم....كانوا يدركون قيمة وأبعاد التضيحة في الحسبان وسياقات الكفاح ..
يقول جيفارا ..
We can not be sure of having something to live for unless we are willing to die for it ..
لسنا متأكدين بأننا سنحصل على شيء نعيش من اجله .. مالم نكن مستعدين على الموت في سبيله ..
ويقول نوربرت كابك ..انه لشيء رائع ان تعيش وتحارب بشجاعة من اجل مباديء مقدسة ..
Norbert Capek: It is worthwhile to live and fight courageously for sacred ideals.
إن المبادئ هي الأساس في الوجود فما بالك لو كانت مباديء السماء وهو تميزنا عن سائر الامم قاطبة ..فما بالك لو كان الأمر يتلخص في الفداء لوجه الله الكريم.. ومبادي السماء التي هي الحق والعدل كما قال سعيد بن سويد أعلاه في هذا المقال .
مباديء السماء التي لا نتخذ على اثرها البشر الهة وأربابا من دون الله .. بل كان النقيض هو الصحيح من ضرب لأعناق الصنميات ..كما قال الشاعر
ما عاشرت من أملاكهم ملكا إلا أحق بضرب الرأس من وثن
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (64) سورة آل عمران..
فأي منطق بشري لا يقبل بتلك المعالجة الرائعة ..بتلك الكلمة السواء .. وكانت المعالجة المنطقية و(الضمنية) للرفض لا تنطلق الا من خلال- ان هناك من القوم من يريدون أن يكونوا أربابا من دون الله -.. نعم ان آليات الرفض لتلك الصفقة النقية في ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا.. أي لا تتخذونا ولا نتخذكم اربابا من دون الله !!..كل رؤوسنا سواء بسواء امام الله مذعنة لإله واحد.. إلا انهم رفضوا وتولوا .وكان(رفضاً) لحاجة في نفس يعقوب .ألا وهي انهم يريدون ان يعيشوا في دور الإلهة ..
{وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} (80) سورة آل عمران
وهذا المعنى.. يوضحه رب العزة في الآية التالية
{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (31) سورة التوبة...
وبقي أن نضيف إلي الأحبار والرهبان نوع جديد من الآلهة ..
فأمريكا اليوم رب وبيننا ألف جبان راكعا على ركبتيه ..كما قال الشاعر
. ان العقيدة عندنا كمسلمين جد لا يحتمل الهزل .. وان هذه الأمة تبقى خيريتها ,, قائمة ما أقامت أمرالله .. وما كانت شعوبها أنصارا لله ..من هنا رأينا مَن أقبلوا على الموت فداء لوجهه الكريم .. على مر التاريخ .. لمن قالوها بالامس..
نحرى دون نحرك يا رسول الله . كان الصحابي سعيد بن عامر الجمحي ممن شهد مصرع خبيبا رضي الله عنه ووقتها كان على الشرك ولم يدخل في الإسلام ، وبعد ان دخل سعيدا رضي الله عنه الاسلام كانت تأتيه غشية فيغيب عمن حوله ، فسأله عمر رضي الله عنه عن ذلك ، فقال سعيد رضي الله عنه : ( شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك ، ورأيت قريشا تقطع من جسده وهي تقول له : أتحب أن يكون محمدا مكانك وأنت ناج ؟ فيقول :( والله ما أحب ان أكون آمنا وادعا في أهلي وولدي ، وان محمدا يوخز بشوكة) ، واني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف اني تركت نصرته الا ظننت ان الله لن يغفر لي .. وأصابتني تلك الغشية !!!!. كيف وتلك المرأة التي أتت وقد مات ابنيها وزوجها في إحدى الغزوات . لتقول اروني رسول الله ..لتطمئن عليه..
فلما رأته بخير .. فقالت كل مصيبة بعدك هينة

أيها السادة نحن .. لا يهمنا أن يعود الناس بالغنائم من صفقة الدنيا .. أو بالشاة والبعير أو الدينار والدرهم في رحالهم ... لقد رضينا بالله ورسوله من صفقة الدنيا قسمة ونصيبا .. كما قال الأنصار بالأمس ..
بقي على الأمة أن تضع التضحية في الحسبان ..فلقد قال المصطفى .. من لم يغزو ومن لم تحدثه نفسه بغزو .. مات على شعبة من نفاق او كما قال.. . لقد حولت تصرفات الغرب ..كل مسلم في هذه الآونة إلى قنبلة موقوته تتحرك..توشك على الانفجار .. إنها براكين الغضب ..لابد ان يمضي شلال الدم الهادر من دماء الشهداء الأحمر ..في بغداد وفلسطين والعراق .. ليعيد عزا ومجدا تليد ..فلتستعد الأمة لفتوحات إسلامية جديدة في القرن الواحد والعشرين.. حيث أننا غير مقتنعين بجغرافية الإسلام الحالية.. نريد مساحة أوسع .. وبقاع جديدة يرتفع من عليها الأذان....قد تصبر الشعوب على ضيم قوت .. او مأكل أو مشرب .. ولكنها لا تصبر على أن يضام الدين .. ان براكين الغضب تغلي لدي الشعوب.. واذ انفجر البركان ستطال حممه العالم أجمع ..بل ستطمر حمم الغضب قارات بكاملها من الوجود.. انها البراكين التي تنفجر بلا سابق انذار .. اذا ما أهينت المبادئ والمقدسات .. وانتهكت الخطوط الحمراء ..من هنا نطالب عقلاء الغرب .. إذا كان هناك عقلاء .. إيقاف المهزلة ضد ديننا ومبادئنا ورسولنا.. قبل.. أن يصلوا إلى مرحلة لا ينفع فيها الندم


أيها السادة

هاهو الغرب يعاني من حالة من السعار والهياج الغير مبرر ضد الإسلام ورسوله وثوابته اللهم إلا حقداً وغِلاً منقطع النظير ..يبدو أن الغرب ..بتصرفاته الحمقاء والهوجاء والغير سوية .. يتعجل النهاية.. ولن يرعِو.. ولن يهدأ له بال.... إلا بعد أن يطلق عليه الإسلام رصاصة الرحمة ..وإنها آتيته لا محالة .. {أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } (1) سورة النحل

mercredi, mai 10, 2006

ألا.. فلتنتفض أرض الإسلام مجداً من تحت الركام !! عبد الرحمن عبد الوهاب



الم تر أن المرء طول حياته معنى بأمر ما يزال يعالجه ..
وكانت قضيتنا التي كنا دوما .. نهجس إلى تحقيقها .. ونحث الخطى نحو الحلول .. ألا وهو المجد لهذه الأمة .. والمجد لهذا الدين .. .. يعالجها ذهنيا وحياتيا .. وتبقى المعالجة دوما ضمن اطر التحليل او التفعيل ..
دخل ارنست هينمغواي .يوما في حوار .. إزاء قضية ما .. فقال له عفوا .. هذه قضية للتفعيل وليست للتحليل ..that is to activate not to analyze
وتأخذ المعالجة شيئا من الوضوح لدى الشاعر المخضرم لبيد ..
ألا لا تسألن المرء ماذا يحاول .. أنحب فيقضي أم ضلال وباطل .. ولما كانت قضايا المجد .. تحتاج الى حسم .. ووضوح في الرؤية .. وضع القرآن آليات الحسم ما بين خيارين .. {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} (52) سورة التوبة
وكان التحليل لهذه الرؤية في قول عبادة ابن الصامت .. لنا مجد الدنيا أن ظفرنا بكم ولنا مجد الآخرة إن ظفرتم بنا ..
وسار هذا الحس لدى الركبان فيما مضى من زمان ..
فليعد للدين مجده أو ترق من الدماء .. فالمجد من جهة او يراق دمنا من جهة اخرى ..
وكانت الرؤية أكثر وضوحا لدى طبيعة العيش لدى الفرسان ..
فإن عشت فللطعن الذي يعرفونه وتلك القنا والبيض والضمر الشقر ..
وان مت فالإنسان لابد ميت وان طالت الأيام وانفســـــــــح العمر ..
وكان هذ الحس واضح مع ابو فراس ..
هو الموت فاختر ما على لك ذكره فلم يمت الإنسان ما حيي الذكر ..
فهي إما موت وإما مجد ..
.. هو المجد .. لذلك الدين الرائع العظيم .. هو المجد لتلك الأمة الرائعة ..
.. ولكنها الدنيا تجري بما جرت يسفل أعلاها ويعلو الأسافل ..
أصبحت أمور جديرة بأن تصيب القاريء .. بالذبحة إن لم تكن السكته القلبية او الدماغية .. إنها امور تكسر الظهر وتسم البدن.. ان العرب .. في هذا الزمان .. تهودوا .. وتعبرنوا .. ارض الكنانة يخرج من قناة النيل برامج مترجمة الى العبرية .. ليتستمع المشاهد الإسرائيلي .. انه وضع ثقافي لا يتناسب مع رصيد المجد والكبرياء ومشروع الإسلام الحضاري ..
..هل دجنوا خالد بن الوليد .. وحولوه .. إلى قائد ورقي .. كما قال نزارقباني وينتهي بنا المطاف الى المثقف العربي المسلم,, تنكر وتجاهل هذا الرصيد الرائع الحافل بميراث المجد .. والكتاب المجيد ..[ ق والقرآن المجيد .. ] وأصبح يدبج مقالات للطعن في الدين .. لينشره على مواقع التبشير النصرانية .. التي تضع الإنجيل والترانيم النصرانية .. كمواد للتحميل..... هل كان للورق الأمريكي الأخضر ( الدولار ) سحرا لهذه الدرجة .. كل شيء أصبح قابل للبيع المبدأ و الفكر التاريخ والمجد والثقافة .. والهوية .. والإسلام ..

أين الغطاريف الأوائل .. أين أجدادنا الصيد من أكابرنا ليبصقوا على هذا العار .. .. أين أولئك الذين شيدوا لنا مجدا أثيلا .. لا يضاهى .. ليبصقوا على تلك النوعيات من المسخ الفكري والعار الثقافي..

ايها السادة لكل أمة موروث ولكل تاريخ .. ولكل فلسفة ومنهج حياة .. انه حق وباطل ولكل أهل .. ونحن نتملك طرف الحق من المعادلة .. {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} (119) سورة البقرة
فإذا افتخر الغرب .. بمونيكائياتهم .. وكونداليزياتهم .. و شيكسبيرهم .. و د .اتش لورنسهم .. وبمايكلهم وجاكسونهم ..
فنحن نفتخر بالغطاريف الأوائل والصيد من الأجداد .. نتيه فخرا بموروث المجد .. بكليب وائل .. ومرة .. وقصي وكلاب .. وهاشم وعبد المطلب .. نفتخر ..بأشرف الخلق وسيد المرسلين محمد.. أبا القاسم .. الذي علمنا بناء المجد فأخذنا إمرة الارض إغتصابا..
لا مجال للقياس ايها السادة بين الغطاريف الأوائل .. من قريش .. وبني هاشم .. وبني عبد المطلب من جهة .. وقراصنة البيت الابيض ..من جهة أخرى..
لا مجال .. أيها السادة .. لقد كان محمد بن عبدالله .. احد ثوارالله في الكون .. ملأها زهرا وحبا وعدلا ..
وكيف تنتقص الأعداء من رجل العز أوله والمجد آخره ..

نحن أيها السادة امة لها ميراث من المجد لا نفرط فيه .. وكانت أوليات المجد كتاب نزل من السماء [ ق والقرآن المجيد] .. ورسول كريم .. ومآثر .. للمجد .. وفرسان وثوار
من الصحابة الكرام ..
فان تمضي أشياخي فلم يمضي مجدها ولا دسرت تلك الُُعلى والمآثر
نشيد كما شادوا ونبني كما بنو ا لنا شرف ماضي وآخر حاضر ..
نعم نحن امة للمجد خلقت ....وللمجد فقط تعيش ..
سائل العلياء عنا والزمانا هل خفــــــــــــرنا ذمة مذ عرفانا
فالمروءات التي عاشت بنا لم تزل تجري سعيرا في دمانا
فكيف الحال و الأمة اليوم مغتصبة العرض واللحم والدم ,, مغتصبة الأرض في العراق وافغانستان وفلسطين .. إضافة الى الاراضي التي كانت وقف إسلامي الغير قابل للتفريط وكان الاسترداد لها فريضة .. مثل الفلبين والأندلس ..
امة مغتصبة الدم .. دمنا اليوم ُجبار في كل أنحاء العالم لنا دم مسفوح فوق كل ربوة وتحت كل وادي .. ولم يُثأر له ..
فكيف الحال وابو فراس معتقلا في غوانتنامو .. لم يرقبوا فيه إلا ولا ذمة .. استعملوه كفئران التجارب .. ووضعوه في اقفاص كأقفاص الحيوانات ..
يجربون عليه ادوية الغرب .. وتقطع أرجله ويعود على عكازين .. منهك القوى .. كسير البال ..وحزين الفؤاد .. ومازال هو أيضا ابو فراس ..
فالليث ليث وان كلت مخالبه والكلب كلب وان طوقته ذهب ..
اين الغطاريف الأوائل اين سيف الدولة ليدفع ليفتديه .. لم يبق لا سيف الدولة ولا رمح الدولة .. فإن أسيافنا ورما حنا .. كسرت والعوض على الله .. قالوا إن كليب بن وائل .. وعمرو بن كلثوم في الجاهلية .. وحمزة بن عبد المطلب .. وعمر بن الخطاب .. وعلي بن ابي طالب .. كانوا فرطة جينية لن تتكرر .. ولن تعود وان الغرب الآن يلعب بهرمونات البطولة لدى الأمة .. فعقمت عن الإتيان
بالفرسان وثمة خلل في الجينات الوراثية .. تمنع من تفعيل النخوة والبطولة في مواقف المجد ..

كيف وميراث المجد كائن في القرآن الكريم .. كائن في جيناتنا الوراثية وفي حليب وأرحام الأمهات المتوضئات .. وآباء المجد الورعين .. وفرساننا من الثوار ..
لا والله إن المجد باق .. ما بقي الإسلام شاهرا سيفه يخوض الملاحم لتحرير الأوطان .. والذود عن حياضه .. يغسل العار .. ويحمي العرض أن يستباح .. هذا المجد .. ما كان لنفرط فيه ما كان فينا عرق ينبض .. انه التزام أخلاقي والتزام عقدي أمام الله لابد فيه من إعلاء كلمة الله على يابسة الكون ..
انه الإسلام لابد أن ينتفض مجدا من تحت الركام ..

* * * *
وعلى جانب آخر..
دخل هيرتزل في أواخر ايامه على زوجته جان .. في ثياب رثة ..مبعثر اللحية .. فقالت له ما الذي فعل بك هذا ؟
فقال غدر الصحاب وخيانة اليهود ..
مفعول الخيانة .. امر يحكم الذهنية الغربية ..
لقد ذكر شيكسبير في مسرحية ما كبث.. في سياق الأمور الثقافية لديهم كتراث فكري أصبح طريفا ان يرتبط بما هو سائد اليوم على الساحة السياسية اليوم.. ذلك المبني على أصول الخداع والحيات وتغيير الجلد .. حيث قال شيكسبير ( لكي تخادع الزمام كن كمثل الزمان .. احمل الترحاب في وجهك وفي يدك وفي لسانك .. كن كمثل الزهرة البريئة .. ولكن كن كالحية الأصلة تحتها ..
To beguile the time look like the time bear welcome in your eye in your hand in your tongue , look like the innocent flower but be a serpent under it ,, William Shakespeare , Macbeth ..
وحينما نرجع إلى ديوان أبي فراس .. كدولة كانت على الثغور .. تمرست على الفروسية والكفاح.. خبر الروم عن قرب .. نجد ان خداع الأفاعي كان لهم سمة وديدن.. موجود لديهم منذ القدم وليس جديدا على الساحة فيما يخص مجلس الأمن والأمم المتحدة اليوم .. يقول ابو فراس ..
آوينا بين أطناب الأعادي الى بلد من النصار خال
نمد بيوتنا في كل فج بين الأراقم والصـــــــــــــلال
نعاف قطونه ونمل منه ويمنعنا الإباء من الزيــال
مخافة أن يقال بكل ارض بنو حمدان كفوا عن قتال
وهنا يشير انه عاش في ارض ..خالية من الأنصار.. وأقاموا بيوتهم بين الحيات إشارة الى الروم .. كما أنهم الحمدانيين كانت تعاف أنفسهم من العيش في تلك الأجواء ولكنهم يرفضوا ويمنعهم الإباء والنخوة من الرحيل .. حتى لا يقال .. [أنهم كفوا عن القتال] .. ان الكف عن القتال عار .. في رؤية ابي فراس فما بالك لوكان فرض عين .. .. كيف وان القتال .. في المشروع الإسلامي ,, فريضة .. {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (216) سورة البقرة... كيف أن الله يحب المقاتلين {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} (4) سورة الصف
وكانت الرؤية واضحة ..
فان عشنا ذخرناها لأخرى وان متنا فموتات الرجال ..

وانه يكون المبتغى هو المجد .. يكون الموت عذب
قد عذب الموت في افواهنا والموت خير من مقام الذليل
.ألا والله ان هي إلا موتات الرجال ..

تخر تلك المعاقل سجدا وترمي بالأهل تلك المطامر ..
فكيف يكون المجد حينما كانت تخر معاقل الروم سجدا ..
والقتال في التصور الاسلامي يختلف عن التصور الغربي .. فالقتال في الاسلام فروسية واخلاق .. فهو مشروع يحمل الشيم و مكارم الاخلاق .. وحي رددت الخيل حتى ملكته هزيما وردتني البراقع والخُمر ..
أي انه ..كان لا يصول على النساء .. وردته البراقع والخُمر .. مفرد برقع وخمار .. كناية عن النساء .. وهذا التصور .. يختلف في التركيبة الذهنية ,, والمنهجية التي يتعامل بها الغرب .. لقد قرأت تقريرا .. عن اغتصاب النساء في ابو غريب .. مع أحدى الأسيرات في مفكرة الاسلام .... بعدما خرجت ..
فالموضوع أي سبي المسلمات ..يوضح ان الامة اليوم تنام على الضيم . وتصحو على العار.. كيف يتسنى لهم ان يرفعوا رؤوسهم .. كيف ونساء الإسلام سبيا وعرضا منتهكا ..
ايها السادة الموضوع لا يستلزم إلا موتات الرجال .. ألا فلتنتفض ارض الإسلام مجدا من تحت الركام ..

* * * * *

بالرغم أننا قطعنا شوطا لا بأس به مع الفكر الغربي .. إلا أن الحقيقة لا بد أن تقال .. بالرغم من احترامنا
لسقراط وهو الذي يعتبر رائدا في الميراث الفكري للغرب ..فهو أول رجل يموت بسبب أفكاره .. حسب التصور الغربي .. فهو قد سفه آلهة الإغريق حتى اللحظة الأخيرة من حياته .. وواجه الموت بناء على ما آمن به من أفكار ..

إلا أن هناك بونا شاسعا ما بين الفكر الذي كائن على غير أسس من الهدى فكانت بنائيته على الفكر المحض .. فسقراط هو القائل thought is the actuality of life أي ان الفكر حقيقة الحياة ولم تختلف رؤية البرت بايك عن اسس سقراط الفكر هو وجود حقيقي للانسان هو قوة وطاقة لتفعيل الاشياء للتحكم في الاشياء كما هو الحال بالنسبة للعقل ..
A Human Thought is an actual Existence, and a Force and Power, capable of acting upon and controlling matter as well as mind. ~
Albert Pike 1809-91
ولم تختلف الرؤية في اوربا الشرقية
.. فلقد قال ميهالي كيزنتميهايلي.. الابداع هو المعنى الحقيقي لحياتنا .. وعندما ننهمك فيه نستشعر إننا احياء تماما أكثر من أي وقت اخر ...
... Creativity is a central source of meaning in our lives... [and] when we are involved in it, we feel that we are living more fully than during the rest of life. --Mihaly Csikszentmihalyi

إلا انه ثمة اختلاف بين العبثية الذهنية فالإبداع الغير مبني على أسس وتصورات مستقاة من مباديء السماء والحق المنزل..
اعتمادا على الحق المنزل .. الذي لم يكن عبثا على الإطلاق ,, ولم تكن قضية الخلق عبثا على الإطلاق .. {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} (115) سورة المؤمنون
فالفكر الغير مبنى على أسس ..تصبح فقط مجرد نوع من الضلالات والوهم القابل للأخذ والرد .. ولهذا نزلت سورة الشعراء لتعالج أمور الإبداع .. وحذرت من تلك المنهجية السائدة دوما .. {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (226) {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (225) سورة الشعراء .. ولقد ذكرت الشياطين في السياق {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} (221) فالآليات الفكرية للفكر الإسلامي .. لها تصور خاص حيث استثنت الآيات الكريمة من رجال الفكر . أولئك {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (227) سورة الشعراء.
انه الإيمان وعمل الصالحات .. وذكر الله كثيرا وحمل قضيا الحق والعدل والحرية والانتصار لها ..يقول سيد قطب عن النقطة الأخيرة فكان لهم أي رجال الفكر كفاحا ينفثون فيه طاقتهم ليصلوا إلى نصرة الحق الذي اعتنقوه .. الإسلام ليس ضد الإبداع . ولكن ضد أن يوظف الإبداع .. ليسقط بالبشرية من الذروة الى القاع والحضيض..وكانت الحقيقة التي لا مراء فيها اختلاف الإبداع ,, ونتاج عقول البشر .. عن الكمال المطلق والمجد المطلق .. لكلام الله .. فالإبداع البشري لا يعدو ذاته البشرية ..اما كلام السماء.. تسجد ازاءه العقول والأذهان ..فإذا قالت .. غيلدا راندر .. إن الإبداع هو تميزنا المجيد .. our creativity or our glorious uniqueness. --Gilda Radner الا أننا ..نختلف حيث ان تميزنا هو[ ق. والقرآن المجيد] ..ألا وهو اعتناق الحق المنزل ,, القرآن الكريم .. وهذا مثار الفخر والاعتزاز الحقيقي ..كان قول الله تعالى .. {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } (200) سورة البقرةفلقد قال الفرذدق لجرير يوما انك لاق في المناسك من منى فخارا .. فخيرني بما أنت فاخر .. إنها منى .. حينما كانت العادة في الجاهلية عندما ينتهي الناس من مناسك الحج .. تذكر كل قبيلة مجدها وفخارها ..كما كانت العادات في الجاهلية .. فجاء الإسلام ليرد المجد الى صاحب المجد المطلق .. الله تعالى .. {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } (200) سورة البقرةفكان رد جرير ,, لبيك اللهم لبيك .. انه افتخر بمجده الحقيقي .. وانتمائية مجده . إلى الله .الله مولانا وحبيبنا ونصيرنا .. الله هو عز كل ذليل .. وغنى كل فقير.. ومأو ي كل طريد .. وكل هارب إليه يلتجيء .. إن كان للأمم فخارا ومجدا فنحن نفتخر بإيماننا بالله .. كوننا أنصارا لله وجنودا لله وعبادا لله .. الذي حررنا وعتقنا من العبودية لغيره .. بلا اله الا الله .. واذا كان لكل امة ستايل يميزها فكان الاسلام .. {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (29) سورة الفتحفنحن نفتخر بما يقولون .. style.. وضوءنا وصلاتنا .. سيماء السجود بنمطية الشخصية الاسلامية .. ذلك المنظر الرائع في الوجود .. ان يقف .. لنا إماما في الصلاة ومن ثم .. نصلي وراءه ونركع ونسجد لله .. في هذا المنظر الجميل المهيب.. لو أُُخذ بصورة من الكاميرا ..من بعيد .. كان فيه كامل الانصياع لله الخالق الأعظم .. انه الدين القيم .. {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (30) سورة الروم. * * * * * *لا مجال للمقارنة والمفاضلة .. بين المنهجين..
انه القصور والعجز البشري لدى الإنسانية تجاه ذلك الحق المحض,, فيما يوحى من السماء إلى الأنبياء الكرام .
{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) سورة الإسراء... وهو ما يختلف في التركيبة المنهجية لدينا .. ولا وجه للقياس والندية بداية بين سقراط وإبراهيم عليه السلام مثلا..كإمام ورائد في التصور الإسلامي ..
فإبراهيم عليه السلام كان أول من واجه آليات الاستبداد الفكري والاجتماعي والسلطوي السائد .. كونه قام بتفعيل الذهن على نحو سليم .. ورصد القرآن موقف التفعيل الذهني لإبراهيم عليه السلام .. في الوصول إلى الحق المحض . {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} (76) {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} (77) {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} (78) سورة الأنعام كما لنا ان نراقب التصوير الرائع ..في قول إبراهيم ..[قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ] أي انه رد الهداية إلى مردها السليم .. إلى ربه ..
. وكان بعدها انه قام ببداية التفعيل .. على ارض الواقع .. وحمل قضية الإيمان وفرضها على ارض الواقع و. من تهشيم الأصنام .. وكان أيضا يستحث الذهنية السائدة على التفعيل وتشغيل الذهن.. نحو الإيمان بالله .. {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} (63) سورة الأنبياء..
إضافة إلى أن إبراهيم عليه السلام .. واجه الامتحانات بكل بطولة في ميدان الإيمان .. سواء أكان الأمر إلقاء به في النار .. ولم يتخلى عنها على الإطلاق وان كان الموت كائنا له في نار النمرود . لقد كان نموذجا رائعا ..
سواء أكان الإقدام على ذبح الابن بلا تردد بل ويرجم الشيطان لثلاث مرات بغية إنفاذ الامر .. ما هذه الروعة وهذا المجد في مضمار الاعتقاد وحب الله .. او ترك الزوجة والولد في واد غير ذي زرع من جهة أخرى .. لقد كان بطلا في مضمار العقيده والإيمان .. وأتم الامتحانات بنجاح .. فكان إماما ..
وموقف الاختلاف في المنهجية بين الإسلام والغرب .. في هذا البون الشاسع ..بين القلب السليم والفكر السليم وحالات الهوس والعته ..الذي انتهى بهم إلى الإجرام والجنس الجماعي وعبادة الشيطان .. الذي يصدر الينا .. ان بضاعة الغرب لا تصلح لنا .. فعوارها واضح على الملأ .. وكان تقرير بهذا البارحة .. على قناة العربية .فيما يخص عبدة الشيطان في قرية لبنانية .. وانتهى التقرير .. بصورة لمئذنة .. تقف بشموخ .. تعنى رمزيا من قبل صاحب التقرير .. ان شموخ المئذنة هو المستهدف..
كان الفرق بين نتاج العقل البشري وبين ما نزل من السماء ومنهجية أتباع كلا الفريقين في الحياة والذي كان النقيض بين مشروعين .. مشروع ابتنى على رؤى الشيطان .. ومعالجاته .. وبين هدي السماء وقيمته السامقة ..التي تنهض بالإنسان الى مراقي الحرية والعدل والفضيلة والأخلاق .. [ إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق ] ..وكلٌ له مشروعه الحضاري .. انه حق وباطل ولكل أهل ..
..
* * * * *

كانت زوايا الارتكاز ومثار الصراع الفكري يرتكز على أسس ..مابين الحق المحض والباطل المحض كتراث فكري فلسفي.. وكتب منزلة عبثت بها أيدي البشر .. من جهة
وبين ما نزل من السماء في صحف إبراهيم وموسى ,, والقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ..من جهة أخرى. من هنا كانت اختلافيه الوضع القائم بين المشروعين.فمشروع الرسالات يحكمه اهم قضية في الكون .. العدل في الأرض..
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (25) سورة الحديد وكان الموقف الخاص بهذه الأمة .. على وجه الخصوص تفعيل هذا الدور في حياة البشرية ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة
. فالمعادلة الفكرية للغرب ناقصة .. لأهم طرف .. ألا وهي تلك القيمة الكبرى للحق المنزل من [أعلى] أي السماء .. وظل ناقصا لديه أي الغرب. سواء في انعكاساته على الروح أو البنية العقلية. وهو بالتالي أي الفكر الغربي الذي لا يستند الى مستند سماوي هو بالتأكيد ضرب من العبثية والضلال .... قال الله فيه .. { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص50 انتهت محصلاته الى عبادة الشيطان والتحلل الأخلاقي والتدعر .. ناهيك ,, عن البعد الأساسي في مشروعه الحياتي والسياسي ..المبني على الظلم والإجرام والسطو المسلح على الشعوب الأخرى ,, استنادا على الموروث الفكري للقرصنة .. لتلك السفينة التي كانت تمخر العباب .. وعليها راية تحمل جمجمة ..وعظمتين متقاطعتين ..وذلك الاعور الذي يضع إحدى النظارات على عينه المفقوءة .. وهو به شيئا من الحقيقة الغربية التي ابتدأت من كريستوفر كولمبوس ..وفاسكو داجاما ليعيثوا في الأرض قتلا وإجراما .. باسم الصليب .. وهو لا يختلف. عن التصور الماثل في معالجة القراصنة القابعين في البيت الأبيض ..
وبناء على ما تقدم لم تنفع آليات التفعيل والتحليل لدى هيمنغواي .. بحيث انتهت حياته بالانتحار .. رغم حصوله على جائزة نوبل في الأدب ..
لقد كان الميراث الفكري للغرب يفتقد إلى مضامين الحقيقة القاطعة في الوجود الكوني ألا وهي أن( الله )حق .. حيث قد وقف عاجزا تجاه الغيب واعتبرها ميتافيزيقيا أو ما ورائيات .. يلعب فيها خيال وهلوسة الفلاسفة وتعدد الآلهة في التراث الإغريقي والروماني دوره .. انتهاء إلى ان النصرانية اعتبرته ميراثا ومخزونا مغزيا لها .. حتى بلاد المشرق اعتبروا ان الفرعونية ميراثا لنصرانية المشرق مثلا .. ولعبت العبثية الذهنية مجالا لا بأس به على غير هدى من الله أو الأسانيد المنزلة من فوق..كان هذا على المستوى المشرقي والغربي ومازالت لم تبت في إشكاليتها التي لم تنته ومعضلتها التي لم تحل أن الله ثالث ثلاثة .. في حين لقد كان الموقف لدينا مختلف حيث انه كان لدى التصور الإسلامي الإجابات الحتمية والقطعية تجاه موضوع الغيب ..من خلال القران الكريم وسنة الرسول الاكرم الذي من خلال الاسراء والمعراج كان هناك توضيحا لما رآه المصطفى الكريم في العالم العلوي من السماء..
أما فيما يخص الغرب وجراء ضلال الذهن واعتمادا على العقل وثلاثية الله .. عندهم .. كان لابد ان يكون هناك صراع ومقدماته موضوعية لمحصلات في النهاية ..الانتحار والمصحات العقلية .. إن النظريات التي لا تستند الى حق قابلة للإجهاض.حتما ..قام الصراع ما بين الكنيسة والعلم .. وخلع الغرب عنقه من ربقة الكنيسة وأي التزام أخلاقي تجاه السماء ذلك لأن أصول المعتقد غير واضحة حتى أوليات الاعتقاد ومفهوم تثليث الإله .. بعد أن عبثت أيدي البشر بكتبهم المنزلة . {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } (79) سورة البقرة..
. أن يتنصل من زيف الكنيسة .. وضعوها جانبا اللهم إلا..في إعطاء صكوك الغفران .. أما فيما يخص الحياة العملية ومعترك الحياة و معادلاته الحياتية دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ... والتي كانت تختلف عن التصور الإسلامي ان قيصر لابد ان يذعن ويخضع ويستسلم لله ..لابد ان ترفع على الكابيتول الخاص به راية الله اكبر.. ان الأرض لله والسماء لله .. {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} (66) سورة ص.. كما أن الصلاة والنسك والمحيا والممات لله .. {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162.. بل إن الأمر كله لله ,( قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ )آل عمران الآية 154 وأن الآخرة والأولى لله .. {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى }النجم25..وتبقى مشكلة الغرب كما قال تعالى إنها لا تعدو ظاهرا من الحياة الدنيا .. {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }الروم ذلك انه افتقد إلى الإيمان بالغيب .. وكفره بما نزل من السماء ..
(القرآن الكريم )انه لحدث عظيم .. ونبأ عظيم .. كان لابد ان تقف البشرية إزاءه موقف التهيب .. والانكسار والإذعان .. ألا وهو قول السماء .. وكلام السماء .. وقوانين السماء .. وشريعة السماء .. ليس هناك خيار ازاء الحق المنزل سوى القبول والتسليم والاذعان بل والسجود{فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (20) {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ*} (21) سورة الإنشقاق .. واخذ ما نزل بقوة .. ولا ثمة خيار{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب ..{ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (63) سورة البقرة
لا مناص .. فبالإسلام حسمت كل قضايا التحليل .. والعبثية الفكرية .. والتحليلات العقلية .. وهلوسة الفكر.. وليتجه الابداع الإسلامي على أسس من الفضيلة والحق والحرية والإيمان والكفاح.. اعتمادا على المرتكز في استقاء اليات الفكر .. ألا وهو .. ذلك القول العظيم الذي نزل على جبل النور بمكة ..(ألقرآن الكريم )
أجل انه لأمر جلل .. وحدث عظيم .. وكلام الله تعالى ينزل به جبريل الأمين على قلب محمد .. آن الأوان أن ينحسم الأمر بشكل قاطع .. وتزحف البشرية تلك الناكسة الرأس لكل أصنام الحجر والبشر نحو النور والحرية ليرفع محمد بن عبدالله هامتها من الانكسار لغير الله .. فلقد جاءت البشرية لتسمع كلام ليس مثله كلام .. {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (21) سورة الحشر.. وكان الرائع لدينا ان انتهت الأمور والبحث ..بحلقات الذهن المسلم من قضايا التحليل .. إلى قضايا التفعيل .فلا مجال ..كيف والرسول ,, يقول لقد مضى وقت النوم يا خديجة... واستأثر الصحابة الكرام بالحق المبين الذي جاءهم .. ولم يكن ليفرطوا فيه .. فهم قد أدركوا .. إن هؤلاء .. من أمم الكفر قاطبة .. والتي لم تزعن لله والتي لم تقبل .. أن اشرف ما فيهم كلب .. وقالها هارون الرشيد من أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم .. ان القيمة الكبرى للإنسان هي الإيمان.. انتهينا من محطات العبثية والتحليل .. إلى المقامات .. الضخمة في الكون .. لنخرج العباد من عبادة العباد .. إلى عبادة الله ,, ومن جور الأديان إلى عدل القرآن ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة .. لقد كان الرعيل الأول .. ليس لديهم مجال ذهني ان يضيعوه .. في كلام فارغ أو أوهام... بعدما ادركوا يقينا انه دين الحق {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (33) سورة التوبة.. إنها ضخامة المسئولية .. أمام الله و تجاه البشرية .. ومشروع حضاري .. ونموذج امثل يقدم للإنسانية ..
فيما كان الغرب يومها عاكفا على صنمية الفكر idols of thinking والتي ما زال يبحث عن مخرج .حتى اللحظة كما قال هربت شولسبرغ وغيره .في فض النزاع مع أصنام الكنيسة . إلا أن هذه المسائل نحن قد تجاوزناها منذ ألف 1400 سنة .. منذ أن اعتنقنا مبدأ لا اله الا الله .. وما كان لصنمية أيا كانت لها علينا سطوة .. انه تجرد الفكر والروح والعقل لقبول الحق المنزل .. من هنا .. تجاوزنا الفكر الغربي وآراؤه وتصوراته .. التي كان وما زال أسيرا لها إلى اليوم .. ولم يستطع الفكاك منها . في وقت تلقفنا فيه هذا الحق المنزل .. والنور المبين.. ننطلق على يابسة الكون .. نرسي مبادي الحق والخير والعدل والنور .. انه الإسلام . أهم حقيقة في الوجود الكوني . إنها حقائق على أسس من النور والوضوح و الإيمان .. نعم انه الإسلام ..

إلا أن القضية تبدو اليوم أكثر طرافة فالبشرية اليوم .. تنحو منحى الجاهلية الأولى ولكنها أضلها الله على علم .. فالغريب ,, اثر حوار بين وفاء سلطان من نيو جيرسي والأستاذ إبراهيم الخولي .. في الاتجاه المعاكس .. فقالت .. بكل صفاقة أنا علمانية لا أؤمن بالغيبيات ..
فلقد كان التصور الإسلامي واضح الدلالة .. في أول سورة من القرآن الكريم .. من سورة البقرة .. {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (3) سورة البقرة...يختلف عن منحى الغرب في الإيمان بالعقل .. وترك الحق المنزل .. الذي هو من روح الله .. الذي كان دوره ان يفّعل الروح .. نحو القيم الفاضلة .. والارتقاء بالروح والذهنية الإسلامية .. الى مراقي الايمان ومرافيء المجد.. والسمو عن حمأة الأرض والطين .. ومن ذلك ما أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد ، أن النبي صلى الله عليه وآله قال : يا حنظلة ، لو كنتم تكونون كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم أو في طرقكم (1). وفي رواية أخرى ، قال : لو كنتم تكونون إذا فارقتموني كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة بأكُفِّها ، ولزارتكم في بيوتكم(2). إلا أننا لابد .. أن نراجع التاريخ .. وما ملأه الصحابة الكرام مجدا وعزا وشموخا ..
ما هو السر الكامن خلف الأشياء .. في أن تكون تلك الحفنة من الأعراب التي تربت على أيدي المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت القوة الصاعقة على ظهر الأرض .. كل الأرض وبلا استثناء .. سادوا الأرض وقادو البشرية نحو العز والرفعة .. وحضارة تشرأب لها الأعناق..
القضية كانت تختلف . في تفعيل الإيمان .. في العقلية الإسلامية .. والروح الإسلامية بالأمس . فلقد كان قضية تفعيل البعد العقدي هاما .. اذ قام المصطفى بتفعيل العقيدة و التوحيد .. في الذهنية للرعيل الأول .. على نحو رائع .. وكانت القابلية على استعداد للتلقي .. والتفعيل العملي .. فكان يأخذ الفرد من القرآن الكريم ليس للثقافة ولكن ليطبق .. وكلما ازداد حفظا ازدادت تبعات التفعيل ..
وكان أهم شيء ليس الكم .. ولكن النوعية التي حملت هذا الدين وشمخت بعزة الإيمان لما درج عليه الحس الفطري وما زال قائما بعد ذلك حتى اليوم حينما يأنف احد العوام من الضيم والذل .. ينتفض قائلا بعفويه:[ الرأس لا ينحني الا لمولاه] .. كان التفعيل قائما فيما يخص بروح التشرب من النبع .. الإلهي الكريم ألا وهو .. القرآن الكريم .. انه ذكر لك ولقومك .. أي شرف لك ولقومك ..
وكان أيضا ذكرا للعالمين .. {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ} (87) سورة ص ومن ذلك كان المصطفى حريصا على ان يكون جنوده متشربين بنور القران وإشعاعاته على النفس والروح وتفعيل الإيمان ومنه هذا الحديث الشريف عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: حين أتاه عمر فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي. رواه أحمد والبيهقي في كتاب شعب الإيمان، وهو حديث حسن.وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال أفي شك أنت يا ابن الخطاب ألم آت بها بيضاء نقية، لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا إتباعي..
فكانت عملية التلقي العقلي والروحي تؤخذ من القرآن .. يضفى النور على الذهن والعقل والروح . نورانية وإضاءات. الم يقل تعالى انه روح .. {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (52) سورة الشورى.. الم يقل جل علاه انه نور .. {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (8) سورة التغابن.. ألم يقل جل علاه .. أنه الحق .. {وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (105) سورة الإسراء ...ألم يقل جل علاه انه مجيد .. {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (1) سورة ق
فماذا بعد الحق إلا الضلال .. وماذا بعد النور الا الظلام وماذا بعد المجد الا العار .. لا مناص ان يؤخذ هذا الامر بقوة .. وهذا ما كان ..
أخذت قضايا الإيمان البعد التفعيلي .. في القلب والوجدان .. يقتلعون الرواسي ويبنون المجد مؤتلقا مكينا ,, هذا هو الأساس ..
كما قال خالد ابن الوليد .. لقائد الروم .. لو كنتم في السحاب لحملنا الله اليكم او لأنزلكم الله إلينا .. إنها العقيدة .. التي تصنع المستحيل .. وإذا كان الله تعالى نصيرا لك فلن يقدر عليك أحد .. {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (160) سورة آل عمران
كان التفعيل .. قائم .. في مضمار .. الالتزام .. والإذعان .. للأوامر الإلهية المنزلة .. فلقد آثروا الله عن كل حميم .. وكان تعالى لهم هو الحبيب وقرة العين.. قدموا صفقة الإيمان عن كل متاع الدنيا ورغباتها .. ولنا أن نراقب مواقف التفعيل التي تمت على الساحة ..
فعندما نزلت الآية الكريمة . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (90) سورة المائدة.. قالوا انتهينا.. وافرغ المسلمون أوعية الخمر في شوارع المدينة ولم يعودوا لشربها مرة أخرى ,,
وعلى مستوى التفعيل النسوي في قضاياهن .. لم يختلفوا عن الرجال في مضمار التفعيل .. والأخذ بقوة ..
قالت عائشة رضي الله عنها : ( رحم الله تعالى نساء الأنصار .. لما نزلت الايه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (59) سورة الأحزاب ..شققن مروطهن فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنما على رؤوسهن الغربان )
القضايا أخذت مقامات التفعيل .. على كافة الأطر والمستويات .. ولما نزل الأمر بالجهاد ..
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (39) سورة الحـج.. كان لهم السبق ولم يشق لهم غبار في مضمار القتال .. والكفاح .. وكانت هذه النقطة تحتاج إلى وقفة .. لم تكن الحروب بالأمس مكشوفة الإحداثيات عبر الأقمار الصناعية .. قد يكون الرصد للأعداء غير واضح تماما .. من ناحية العدة والسلاح ..وقد تكون ارض مجهولة التضاريس .. فانطلقوا .. بتفعيل الإخلاص .قد يكونوا عدد قليل عدة وعتادا في مواجهة الكفر ... .. وحينما رأي الله منهم هذا الإخلاص .. أعطاهم وتكرم عليهم بمجد الدنيا والآخرة .. .. وانتهي الأمر إلى أن أصبحت الدنيا تحت أقدام العرب في زمن قياسي من عمر الأمم .. ما كان لهم ان يستبدلوا الضياع بالمجد ..
دين الله منتصر لا محالة {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (51) سورة غافر.. ما كان له رجاله يحملون القضية ..فالحق اذا وجد أنصارا ينتصر وإذا فقد رجاله ينهزم ولكن لابد أن يجري تفعيل العقيدة في الروح مجرى العصب والدم .. ولماذا كان أفضل الذكر لا اله الا الله؟ .. وتقال في الأذكار 100 مرة صباحا.. حتى لا ينتاب الذهن أدنى هاجس من الشرك .. والعبادة معناها التذلل والخضوع أي لا خضوع ولا تذلل إلا لله .. ولهذا كان السلف حريصون على هذا البعد بعد التحرر من شركيات البشر والحجر .. فكانت الرؤية نقية .. والإيمان نقي .. فلقد قيل ان قبلة اليد هي السجدة الصغرى .كما كانوا لا يبيعون دينهم على موائد الحكام .. قيل أن ..على أبواب السلاطين فتن كمبارك الإبل .. وقالوا يدخل الرجل بدينه على السلطان ويخرج ليس معه شيء .. وكان الحرص على الدين وسلامة الدين مقدم على سلامة النفس والذات ..
فحينما اخبر المصطفى عليا ابن ابي طالب .. أن أشقاها سيخضب لحيته جراء طعنة في رأسه .. قال الإمام علي .. افي سلامة من ديني .. ؟ قال المصطفى نعم .. قال الإمام علي أنه مقام الشكر ..
إن دين الله منتصر .. ولكن أين الرجال .. كما قال ابن ادهم .. يا له من دين لو كان له رجال .. ؟
دين الله منتصر .. ولا يغرنك .. تقلب أمريكا في البلاد .. {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ} (196) {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (197) سورة آل عمران
وكان الطرف الثاني في المعادلة .. في الآيات التي تلتها مباشرة .. {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ} (198) سورة آل عمران
.. الوضع الراهن للأمة .. انطلقوا من مقامات التفعيل .. إلى مقامات .. التعطيل .. أي انهم عطلوا .. آليات الإسلام في الحكم .. والحياة..
كأن يهيمن .. على يابستهم ,ويابسة العالم., وأن يكون مثار التفعيل في حياة الناس الأهم وما يبذل له غاية الجهد .. .. فكانت الطامة الكبرى والداهية العظمى.. عدم تطبيق شرع الله .. ونحوه جانبا .. و ارتضوا بقوانين الكفر بديلا.. وعدم الاحتكام إلى الشريعة . معضلة من كبرى المعضلات .. التي يجب ان تحل ..
فإن أسس واليات التشريع الكريم .. منزهة عن كل آليات الظلم السائد ..{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (50) سورة المائدة
كيف وأن الله تعالى أحكم الحاكمين . {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (8) سورة التين..
عطلوا الحدود .. وحاولوا الطعن في الشريعة وإقامة الحدود .. ولم يعرفوا ان الرحمة بالمجرم خيانة بالضحية .. وأن الله تعالى تنزه عن ذلك وتعالى علوا كبيرا .. من هنا كان قوله تعالى .. {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة..
لقد هجس فلاسفة الأرض بالبحث عن المدينة الفاضلة .. وركضنا خلفهم في شرخ الشباب .. بحثنا عن المدينة الفاضلة .. جمهورية أفلاطون .. والفردوس المفقود لجون مِلتون .. واقتنينا ..كتاب اليوتوبيا توماس مور .. وركضنا خلف النبي لجبران .. القضية التي كانت هي المثالية الرائعة الذي طمح إليها الذهن البشري دوما .. فكانت هي هاجسه ومبتغى حياته .. وهي باختصار العيش الكريم .. ولم نعرف أن اليوتيبيا تحققت بالفعل .. على المدينة المنورة ,, إنها مدينة محمد الفاضلة ..
وكانت آليات ومنطلقات العيش الكريم هي العدل في الأرض .. وهذا لن يتحقق إلا من خلال شرع الله الكريم .. {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (44) سورة يونس.. لقد قضت حكمة الله العليا .. تحريمه الظلم على نفسه وجعله محرما بين العباد وكان جل ذكره وسما مقامه..عادلا العدل المطلق وبغضه للظالمين قائم { وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (57) سورة آل عمران. { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} (29) سورة الكهف..
وكان مضمار الرسالات .. هو الوقوف في وجه الظلم والطغيان.. {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (10) سورة الشعراء.. {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (24) سورة طـه
وكان مفهوم الظلم لغويا وضع الشيء في غير موضعه .. وكان من اكبر أنواع الظلم .. عدم إنزال شريعة الله مقامها العظيم في مضمار التحكيم والتكريم..
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5) سورة الجمعة
لاحظ .. الوصف الإلهي .. أنهم حمير .. وظالمين في آن واحد .. ظالم .. لأنه لم يستعمل آليات الذهن والجهد في تفعيل هذا الكتاب العظيم تشريعا وحكما
وانه استعمل عقله على نحو خاطئ .. أو لم يستعمله على الإطلاق .. انه لم يفّعل الذهن .. ليس إلا حمارا يحمل أسفارا .. فهو لا يدرى كنه المجد الكائن بين طياته .. ما أسوأ أن يكون العلاج لكل معضلاتنا بين أيدينا ونمنعه عن الشعوب


إنها سادية الاستبداد .. ولهذا قالوا ان بطن الأرض ارحم حالا من الاستبداد .. ذلك لأن الاستبداد يستدرج الشعوب إلى محطات غير مقبولة ألا وهي الكفر والانتحار..ذلك لأنه يهدر قيمة الإنسان كآدمي .. ولايبقي له على شيء.. لا دين ولا دنيا .. فجوف وكرش الاستبداد شاسع اكبر من صحراء نيفادا او.. الاسكيمو ... ان يستوعب مليارت وكنوز الأرض و الشعوب بشكل لا يتخيله عقل .. وفي الوقت نفسه .. لا يجد الفرد من الشعب ثمن لعلاج او دواء .. او كسرة خبز .. الاستبداد لا يبقي على دين .. ولا دنيا .. فالمستبد هو الإله .. والشعب هو العبيد .. وكان ساديا على مر التاريخ .. يقوم بمهنة قذرة .. يبتدئها دوما مع رجال الفكر .. فما الذي يجعل المهدي بن بركة يذاب في الأسيد .ما الذي شنق سيد قطب . ومن ثم تطبق النظريات الإجرامية على الشعوب .. التجويع من أجل التطويع .. انتهاء الى ما تمارسه اليوم إسرائيل مع حماس ,, وأمريكا مع حماس .
لذا كان لقد خلق الله الانسان ليعيش كريما في سعة .ورغد من العيش الا أن الاستبداد. يتمرس في كيف ..ينهب الوجبة البسيطة من قوت الضعيف ..
قال الشاعر ..
حتى متى فرعون يقهر عزتي والى متى هامان ينهب زادي
والى متى يقلق راحتى كسرى وقيصر يسترق بلادي
ما في الممالك والمدائن سالم من سوط جبار وصولة عادي

إن آليات العيش الكريم .. ابتداء وانتهاء .. تنطلق من مقام تفعيل القرآن الكريم في النفوس والشعوب .. والتحكيم .. {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ} (66) سورة المائدة
.. أي أنهم لو أقاموا وفعّلوا كلمة الله ..لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم .. تصور إلى هذه الدرجة .. عندما يفعّل العدل .كما حدث في عهد عمر بن عبد العزيز .. لم يجدوا فقيرا ولا مسكينا ليمنحوه عطاء من بيت المال . الكل غني ..
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا} (16) سورة الجن
ولكن هناك أولئك الساديون من لا يريد العيش الكريم للشعوب ومن يمارسون إذلال الشعوب وإهانة الشعوب بالرغم أن الله انزله مقام التكريم . {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (70) سورة الإسراء... لا انه يريده ,, جائعا .. لاهثا .. عن رغيف خبز .. يقف في طابور طويل ويخوض معركة صباحية ومسائية أمام الخباز .. بغية أن يحصل على بضعة أرغفه تسد رمقه ورمق أولاده الصغار..
وكان الله تعالى .. دوما .. هو .. الحيبيب ..فمن لنا غيره .. إله عظيم ..
إبن آدم خلقتُك بيدي وربيتك بنعمتي وأنت تخالفني وتعصاني فإذا رجعتَ إليَّ تبتُ عليك ، فَمِن أين تجدُ إلهً مثلي وأنا الغفور الرحيم...

مربط الفرس ..{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (105) {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ} (106) سورة الأنبياء إن الله تعالى قيوم السماوات والأرض {اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) سورة آل عمران.. فهو الذي يحل كافة المعضلات .. التي يعجز إزاءها الذهن البشري .. ويقف ازءها البشر بالعجز والتسليم .. فما كان الله ليعجزه شيء.. { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَررض } (44) سورة فاطر من ثم يعطى الله تعالى للعباد مخرجا .. إزاء تلك المعضلات { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (2) سورة الطلاقفالله تعالى بيده ملكوت كل شيء .. {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (83) سورة يــس فهو تعالى حال نصره انتفت أي غلبة للاعداء{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } (160) سورة آل عمران الله تعالى هو القوي العزيز وهو ذخرنا للنوائب وندعوه في الشدائد .. وعنده العزة { فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} (139) سورة النساء وان القوة لله جميعا { أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً } (165) سورة البقرة ندعوه نستجلب خيره ونصره وتكرمه وعفوه فيأتي الله بما لم نحتسب .. { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} (2) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (3) سورة الطلاقفي الوقت ذاته إن أولئك الذين يحاربون الله يأتيهم الله تعالى من حيث لا يحتسبون . { وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) 2 سورة الحشر. الخير كله عند الله .. { بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران (الخير كله بيديك والشر ليس اليك )دعاء نبوي.. فهلا عقدنا الصلح مع الله .. وكنا أنصارا لله جنودا لله .. لأي صفقة خاسرة حينما يطرد المرء من كنف الله .. زمن رحمة الله وستر الله .. انه يصبح بلا حيثية ولا كرامة .. لا شك أن الكلب الأجرب الذي يهيم على وجهه في الدروب والسكك الفكرية .. أحسن منه حالا .. حيث يقذف بحجر من هنا .. ويلهث من هناك .. من هنا كانت العزة والمجد للأمة بيد الله .. حينما تكون وفية له ولدينه ولشريعته ولم تضيع أمره .. في الأرض .. ومن هنا قال الشاعر .. هم يطفئون المجد والله موقد وكم ينقصون الفضل والله واهب .. فمجد الأمة مقدماته الأولى هو الانتصار لله ودينه وإعلاء كلمته .. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمدلن كل خيوط الكون بيد الله .. فهو الحول وهو القوة .. فلا حول ولاقوه إلا بالله .. ولماذا كانت من الذكر .. لهذا قال الشاعر من لم يوق الله فهو ممزق ومن لم يعز الله فهو الذليل ... والله بيده الضعة والرفعة .. إيتاء الملك ونزع الملك .. والعزة للمؤمنين والإذلال للكفرة والمشركين ..لهذا قال احد السلف .. ربي اذ وضعتني فمن ذا الذي يرفعني وإذا رفعتني فمن ذا الذي يضعني .. كما ان عون الله قبل اجتهاد المرء اذ لم يكن الله عونا للفتى فأول من يجني عليه اجتهاده .. كما ان التقدم و التأخر على الخلف .. بيد الله .. اذ لم يدن الله الفتى من مراده فما زاده الإقدام إلا تبعدا ..حتى في مضمار الفكر .. ما الذي يجعل ابن سينا يقوم الليل إذا فاجأته معضلة في الرياضيات او الطب .. كي يلهمه الله توفيقا وسدادا.. وتتسع الدائرة في المنهج حتى في صغار المسلمين .حينما يدعو احد الأطفال المسلمين الله . وكانت معضلته جدول الضرب .. فيدعواللهم إني استودعت عندك جدول الضرب .. فأعطني اياه عند الحاجة .. الله رب الكل .. ولذا كان الصحابة يستخيرون الله اذا انقطع شسع نعله .. وكذا أيضا تفويض الله في كافة الأمور من المعضلات .. { وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (44) سورة غافر وكذا التوكل على الله .. {وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} (132) سورة النساء الله رب الكل فهو رب إبراهيم .. الذي قال { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} (77) سورة الأنعام وهو القائل {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} (78) {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } (79) {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (80) {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} (81) {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } (82) {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (83) {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (84) {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} (86) {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} (87) {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} (88) {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (89) سورة الشعراء كانت قضيته أن يلحقه الله بالصالحين .. وألا يخزه يوم يبعثون .. ويجعل له لسان صدق في الآخرين .. وطلب المغفره لأبيه ..والله هو رب العباد أيضا رب ابن سينا العالم .. وهو أيضا رب الطفل الصغير .. لذا كان لابد من رد الامر كله لله .. من هنا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ..( استعن بالله ولا تعجز ) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (5) سورة الفاتحة فحينما يكون الله عونا للعبد ُحلت إمامه كل المعضلات ..لأن الأمر كله لله .. { قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ } (154) سورة آل عمران وكان هذا التصور الرائع في مفهوم الإيمان .. لذا كان لابد للمسلم .. ان يكون لله .. فهو يقول ..في النوازل والمصائب.. إنا لله وإنا إليه راجعون .. وهذا التصور الرائع .. كان في سورة الأنعام {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (162) سورة الأنعام
بهذا التصور الرائع .. تكون الحياة ذات مذاق رائع .. ان يأوي الإنسان .. إلى كنف الله ورحمته .. وان وصدت امامه ابواب الأرض و كل دروب الأرض بشكل محكم .. .. يكفيه( الله )من صفقه الوجود .. برمته .. {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } (36) سورة الزمر ...إنها صفقة رائعة .. ان يكون العبد لله كما الله كان دوما أيضا للعبد .. .
جاء في الحديث : إنه إذا رفع العبد يديه للسماء وهو عاصي فيقول يا رب ، فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها يا رب ، فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها يا رب ، فتحجب الملائكة صوته ، فيكررها في الرابعة ، فيقول الله عز وجل إلى متى تحجبون صوت عبدي عني؟ لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي لبيك عبدي..
يأويه وينصره ويتفضل عليه كرما ومجدا ومالا وعطاء .. ماذا بعد الله تريدون .. ؟!! إنها الصفقة الرائعة في الوجود الكوني .
يقول الله تبارك وتعالى : يا عبادي إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيتُ كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر...
عبدي أخرجتُك من العدم إلى الوجود وجعلتُ لك السمع والبصر والعقل عبدي أسترك ولا تخشاني ، اذكرك وأنت تنساني ، أستحي منك وأنت لا تستحي مني ، مَن أعظم مني جودا ومَن ذا الذي يقرع بابي فلم أفتح له ، ومن ذا الذي يسألني ولم أعطيه ، أبخيلٌ أنا فيبخل عليَّ عبدي؟ ..
أوحى الله لداود : يا داود لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقاً إليَّ يا داود هذه رغبتي في المدبرين عني فكيف محبتي في المقبلين عليَّ..
يقول الله عز وجل : إني لأجدني أستحي من عبدي يرفع إليَّ يديه يقول يا رب يا رب فأردهما ، فتقول الملائكة إلى هنا إنه ليس أهلا لتغفر له ، فأقول ولكني أهل التقوى وأهل المغفرة ، أشهدكم إني قد غفرت لعبدي..
جاء في الحديث أنه عند معصية آدم في الجنة ناداه الله : يا آدم لا تجزع من قولي لك (أخرج منها) فلكَ خلقتُها ، ولكن انزل إلى الأرض وذلّ نفسك من أجلي وانكسِر في حبي حتى إذا زاد شوقك إليَّ ، وإليها تعالى لأدخلك إليها مرة أخرى يا آدم كنتَ تتمنى أن أعصمك؟ قال آدم : نعم فقال : يا آدم إذا عصمتك وعصمتُ بنيك فعلى من أجود برحمتي ، وعلى من أتفضل بكرمي ، وعلى من أتودد ، وعلى من أغفر يا آدم ذنب تذل به إلينا أحبّ إلينا من طاعة تراءي بها علينا يا آدم أنين المذنبين أحبّ إلينا من تسبيح المرائين... نعم انه الله فقط.. ولا شيء سواه .. وهذا هو الأساس في مضمار التوحيد .. فاعتصموا بالله عباد الله .. {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعرافنعم ان العاقبة للمتقين .. وليست للمجرمين .. او الظالمين .. فلقد اخذ الله فرعون رمز الكفر والظلم والطغبان .. {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} (40) سورة القصص... فإذا مررت على الكنانة فأقريء فرعون السلام .. فلقد أخذ الله ابرهة وجيشة ..{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} (1) {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} (2) {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} (3) سورة الفيلفإذا مررت على بطحاء مكة .. فأقريء ابرهة السلام .. واذا مررت على بئر بدر فاقريء ,, ابو لهب السلام ..واا مررت على اليمامة فأقريء مسيلمة السلام .. {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ} (12) {وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ} (13) {وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } (14) سورة ق فإذ مررت على يابسة العالم فأقريء الظالمين السلام.. إن الله تعالى علوا كبيرا .. ان يكون غافلا .. {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} (42) سورة إبراهيم ..فإذا مررت على مستشفى هداسا الطبي فأقرئ شارون السلام .. {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } (255) سورة البقرةتعالى علوا كبيرا ان يكون نائما .. او يكون ظالما .. فله المجد المطلق وله العدل المطلق .. {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (40) سورة النساء {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (7) {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (8) سورة الزلزلة وبناء على ما تقدم إذا مررت على البيت الأبيض فأقريء جورج بوش السلام .. * * * * *إلهنا أقسمنا عليك بأنوار قدسك وجلالك الرفيع .. ومجدك الذي لا يرام .. عزا ومجدا للإسلام والمسلمين .. انه الملك بيدك تؤتيه وتنزعه .. فأنت اله السموات وأيضا رب الارض .. إلهنا وحبيبنا ومولانا إن الأرض.. أنت إلهها ... {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (84) سورة الزخرف. فجود على أمتك ..(امة لا اله إلا الله ).. عزا ومجدا وكرما وتمكينا في الأرض .. وخلافة إسلامية تضرب أطنابها في أرجاء الكون يعز فيه أهل الايمان ويذل فيه اهل الكفر والطغيان .. ليزداد المؤمنون .تيها فرحا بإعلاء كلمتك .. ويزداد الكفر كمدا .. إنك على ذلك قدير ..
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (26) سورة آل عمران* * * * *
أيها السادة : إن ما نراه اليوم .. هو تعطيل وليس تفعيل .. لمبادئ السماء وشريعة السماء .. واستعاضوا عنها بقوانين القرصنة والسلب والنهب .. قرآننا ذلك الكتاب الذي كان سفر المجد الأول والأخير للأمة عطلوه .. ليس في التحكيم فحسب .. بل بإيعاز من واشنطن تغلق .. مدارس تحفيظ القرآن .. يريدون ان يستبدلوا حضارة المجد القرآني بحضارة الايدز النصراني .. لقد جاء القرآن لكي يفّعل في هذا الوجود .. حكما وتشريعا وتلاوة واستنباطا للأحكام .. كي تسير الشعوب على هديه وأحكامه .. ولكن انظروا إلى ابسط آليات التفعيل .. إن مكانه مجهولا في بيوت المسلمين وعليه الغبار .. ولا يتلى إلا في رمضان .. كيف والمجد كائن لكم بين صفحاته كيف وهذا ذكركم .. شرفكم ومجدكم

آليات التفعيل ,, تنطلق من اللحظة .. ان يأتي كل أب مسلم على النابغ من أبناءه بل كل أبناءه ويحفظهم القرآن .. ويجعلوا لهم في البيت جلسه يوميه مع القرآن .. لابد أن يفعّل القرآن في البيت المسلم ..
لابد أن يقوم الكتاب والمفكرين .. على إعلاء كلمة الله في الأرض .. ويفعّلوا دور الكلمة نحو مجد الأمة ومجد الدين
لابد على المناضلين السياسيين أن يقوموا على تفعيل كلمة الله من خلال العمل لتحكيم شرع الله ..
لابد من تفعيل دور الوعظ والإرشاد الديني وفي استيعاب مفهوم لا اله إلا الله .. والتوحيد .. حتى تستشعر الشعوب الحرية .. وحب الله ..
تغيير الكون لن ينجم إلا من خلال تفعيل القرآن وسنة والمصطفى .. في الوجود .. وبث روح العدل والحرية المنطلقة من الإيمان مشروع الإسلام الحضاري في الكون .. لابد أن يأخذ مجرى التفعيل ..فمازال لدى الإسلام الكثير ليقدمه للبشرية .. ولنا أن نقول لكم إن كل الوجوه المتعددة التي تراها على الساحة في الكون .. مهما اختلفت مشاربها .. لا تحمل الا وجها .. وهو الوجه الكالح للباطل ولها مسمىً واحدا ألا وهو الباطل .. ناهيك أنهم ليس لديهم مشروع حضاري يقدمونه .. وبالتالي ليسوا مؤهلين للضلوع بمهام هذا الأمر .. ألا وهو الأمر والنهي في الكون وقيادة البشرية .. فقط ان الأمر ..يخص الإسلام .. وحده فقط هو المؤهل للقيام بهذا الدور .. وليس لأي امة أخرى فيه ناقة ولا جمل . أجل ليس للغرب ولا قومه فيه إصدار ولا إيراد ..



القرآن الكريم كتاب الله
ديوان ابو فراس الحمداني
Idols for Destruction: The Conflict of Christian Faith and American Culture. by Herbert Schlossberg